تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: مؤسسة الرسالة العالمية
نبذة نيل وفرات:"الآداب الشرعية والمنح المرعية" لمصنفه الإمام العلامة محمد بن مفلح الحنبلي من علماء القرن الثامن الهجري، كتاب جليل القدر، حافل بالعلم النافع القائم على الأصول الصحيحة والفهوم السديدة. ولقد أراد مصنفه أن يكون كتاباً جامعاً لكل ما من شأنه أن يعين على تحقيق السعادة الإنسانية في الدنيا والآخرة، وذلك ...بالسير على هدي المنهج الرباني الذي ارتضاه الله لعباده، وتكفل لمن سار عليه بألا يضلّ في الدنيا وألا يشقى في الآخرة، وذلك بما أودع في كتابه، وبما أبان على لسان رسوله من الدلائل الهادية إلى كل خير، الصارفة من كل سوء وشر. وذلك بتحقيق الفهم الصحيح للوجود من خلال عقيدة صافية واضحة، وشريعة عادلة محكمة، وأخلاق نبيلة صالحة، وشعور عميق بالمسؤولية في الدنيا والآخرة، ضمن إطار العبودية الكريمة للخالق الكبير المتعال، ذي الحلال والإكرام. هذا وأن الناظر في "الآداب الشرعية" بعين البصيرة لمشرف منه على كتاب زاخر بالأصول العظيمة في الاعتقاد والأخلاق والفضائل النفسية الفريدة منها والاجتماعية التي تحقق لمن عمل به صحة الروح والعقل والبدن، وأن في اختيار ابن مفلح للفظ "الآداب" عنواناً لكتابة لَغَوْراً على حقائق المعاني، وفقاهة في اختيار الدلالات وانتزاع الإشارات ذلك أن "الأدب" هو: اجتماع خصال الخير في العبد، وأنه على ثلاثة أنواع: أدب مع الله سبحانه، وأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه، وأدب مع خَلْقه. وقد ألّف الإمام ابن مفلح كتابه "الآداب الشرعية" ثلاث مرات: الكبرى مجلّدان وهو الذي نقلب صفحاته، والوسطى مجلد، والصغرى مجلد لطيف. والكبرى منها ذات قيمة علمية كبيرة لاشتمالها على كثير من أصول الأخلاق المستقاة من الكتاب والسنة وما انبثق عنها من علوم في إطار الثقافة العربية الإسلامية، وقد تحرى فيه أن يكون كالفروع في الفقه جامعاً لخلاصة ما ألفه فيه أئمة الحنابلة من المصنفات، لذا يتبين للقارئ في هذا الكتاب "الآداب الشرعية" أن مؤلفه أمام ذو اطلاع واسع، وفهم ثاقب لمذهب الإمام أحمد بن حنبل، وإلمام غير قليل لمذاهب الأئمة المتبوعين، ولذلك في كتابه هذا نصوصاً كثيرة ينقلها عن الإمام أحمد وعن تلامذته، وعن العلماء الذين جاؤوا من بعدهم ممن ينتمي إلى هذا المذهب، ونجد أيضاً النصوص النبوية الكثيرة ينسبها المصنف إلى مخرّجيها من أمهات كتب السنة، وهو في كثير من الأحيان لا يخلي هذه النصوص من تعقبات حديثية في التصنيف والتحسين والتصحيح مما يدل على براعته في هذا الفن وحسن تأتّيه لما يستشهد به من المنقولات لا سيما أنه كان في أغلب الظن يدوّن ذلك من حفظه. وقد ذكر المصنف جملة من الآداب مما لا علاقة له بالشرع، وإنما هي آداب اجتماعية توجد بحسب الأعراف السائدة في مجتمع ما، وهي مما لم يرد فيها نص من حيث الإقرار أو الإبطال وتدخل في قسم المباحثات فلا داعي لاستفتاء الشرع فيها، كما تعرض أيضاً لأمور لا علاقة لها بالشرع هي ألصق بعلوم البشر ومعارفهم التي تتجدد وتنمو بالملاحظة والتجربة والاستنتاج كالطب وغيره.
وقد حظي هذا الكتاب باهتمام العلامة الشيخ محمد رشيد رضا صاحب "المنار"، حيث عمل على نشر الكتاب وإخراجه ضمن الإمكانات المتاحة آنذاك، وبذل جهداً طيباً بتعليقات حافلة، منها ما يتعلق ببيان يسر الشريعة، ومنها ما هو نقض أو تضعيف لرأي لبعض أهل العلم ربما يظنه القارئ حكماً شرعياً يجب العمل به، أو يظنه صحيحاً ويكون اعتقاده مما يضير في ألفة الناس ومعاشرتهم. إلا أن الإمام محمد رشيد رضا لم يعط الكتاب حقه من التحقيق، فبقي فيه عدد وفير من الأخطاء والتحريفات والسقط كما هو لم يصحح، مما يعيق القارئ عن التهدي إلى المعنى الذي أراده المصنف.
لذا كان العمل على هذا الكتاب ضبطاً وتحقيقاً حيث تم: 1- مقابلة المطبوع بالأصول الخطية المتيسرة. 2- ضبط النص وترقيمه وتوزيعه وهو ما أخلت به الطبعة السابقة. 3- تخريج الأحاديث من مظانها. 4- ولما كانت تعليقات الشيخ رشيد رضا ذات قيمة علمية بالغة الأهمية فقد تم الاحتفاظ بها وإثبات معظمها كما وردت في الطبعة السابقة بغية تحصيل الفائدة منها. إقرأ المزيد