إيحاءات التناص الديني والتاريخي في شعر " محمود درويش
تاريخ النشر: 06/08/2025
الناشر: فضاءات للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:أصبح فَهْم القصيدة الحديثة متوقّفًا على الثّقافة المخصّبة لها، والتّناصّ قضيّة ثريّة بما فيه من تعدّديّة وقابليّة للتّقصّي، وبما فيه من جهد يتعلّق بثقافة الشّاعر وقدرته على تسخيرها في العمل الإبداعيّ، وهو مصطلحًا لا ظاهرة دخل إلى لغتنا حديثًا، بينما هو ظاهرة متغلغلة في تراثنا النّقديّ والبلاغيّ؛ إذ أَشغلتْ فيه ...حيّزًا متميّزًا بما يلتقي معها من مصطلحات ودوالّ ومفاهيم، ولكنّ البدور إلى لمّ أشتات تلك النّظريّة لم يكن ميداننا، فلم نحرز قصب السّبق فيه.
اتّسقت هذه الظّاهرة مع الظّروف المسهمة في تكوينها وإشاعتها حتّى أصبحت من أبرز سمات القصيدة الحديثة؛ لتُعار دالًّا جديدًا هو التّناصّ. فقد أصبح هذا المصطلح يضمّ كلّ تلك التّسميات، ويهضمها، فتوسّع المحدثون في تحليل هذه الظّاهرة بالطّريقة الّتي توسّع فيها الشّعراء في الاتّكاء عليها، فلعلّ الباحثين وجدوا في هذا المصطلح متنفّسًا يخلّصهم من التّشعّب والعوم في فيض المصطلحات المتشابكة، والمتضاربة؛ إذ يتضمّنها، وتستظلّ به، فتوفّر على الباحث الانزلاق في مساربها المتعدّدة، فلعلّه وجد فيه ضالّته المنشودة حين كان لا بدّ من مصطلح يختزل كلّ الدّلالات بما يتناسب مع المطلب الفكريّ الحاليّ.
التّناصّ يمثّل جانبًا من جوانب مسيرة "محمود درويش" الشّعريّة؛ ونقلها على نحو أعمق؛ لما لهذه الظّاهرة من اتّصال بغاية الشّاعر المنبثقة من التّجربة، إذ بدا تأثيرها واضحًا في صياغة تجربته، فأصبحت مسيطرة على مخيّلته، تأتيه في غير عمليّة إبداعيّة.
لم يكن التّناصّ في شعر "درويش" مجرّد ظاهرة لغويّة، بل هو عوالم توازي عوالم القصيدة الدّاخليّة؛ إذ جارت النّصوص الحاضرة النّصوص الغائبة والمواقف والسّياقات المقترنة بها في جوّ من الموازنة والتّباري والاتّساق والانسجام تتّحد فيه العوالم، وتتشارك التّجربة، وتتبادل الحضور، وذلك يدلّل عليه اختيار الشّاعر لكلّ موضوع معادلًا موضوعيًّا يشتمل على مضمون مكافئ له، كما لم يكن التّناصّ ظاهرة فنّيّة مجرّدة من ظواهر أخرى مشابهة، فقد كان مصاحبًا لأنماط من التّصوير الذّاتيّ عند الشّاعر. إقرأ المزيد