تاريخ النشر: 16/11/2023
الناشر: مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:عادت بي الذاكرة فجأة إلى المزرعة، إلى يوم ممطر سنة ٢٠٠٥م، دخلَ والدي على أمي في ذلك اليوم و هو يرتعش، نادى عليّها لتحضرَ له قطعة قماش حتى يضمد جرحا نازفا في إصبع يده الصغير، كان الجو في ذلك اليوم باردا، قاسيا، كقسوة الدنيا على الفقراء. أحضرت أمي قطعة قماش ...صغيرة و لفتها حول إصبع والدي ثم تراجعت للخلف و راحت تنظر إلى البرق الذي أضاء عتمة السحب السوداء و تركَ توهجاً طُبع في عينيها، يومها سمعتُ من وراء باب غرفتي صوت الرعد الذي اهتز له بدن والدي و قال من هول ما سمع ( يا رب احفظنا). زاد هطل المطر و زادت معه مآسي والدي، فبيتنا الذي كنا نعول عليهِ في صد الحرِ و القرِ لم يصمد سوى لدقائق قبل أن تخترق قطرات من المطر سقفهُ، كنتُ أنظر عبرَ فتحة الباب إلى والديَّ و هما ينظران إلى قطرات من المطر و هي تتجمع داخل إناء وضعته أمي. جلسَ أبي و وضع رأسهُ بينَ فخذيهِ و علق يديّه عند رأسهِ، حتى قطرات الدم اخترقت قطعة القماش و خرجت، اهتزّ جسد والدي فجأة عدة هزات، كان يرتفع و ينخفض باستمرار حير أمي، اقتربت منه و لمستهُ على كتفه و قالت ( ما بك رشيد؟). رفع والدي رأسه فرأيتُ دموعا تنزل من عينيه الحمروتين، دموعاً ترجمت قهراً دام لسنوات، و شهق أيضا كطفل في عز بكائه، لم أتصور أن أر أبي يبكي، كنتُ أحسب أن الرجال لا يبكون،و إلى تلك اللحظة كنتُ أعتقدُ أن الدموع حرام أن تنزل على وجنتيّْ رجل، لكن ذلك الإعتقاد تلاشى، اضمحلّ، زال عندما رأيت أبي في تلك اللحظة منهارا كبناية هدها زلزال عنيف، في لحظة ضعف تفجرت تلك المكبوتات التي حبسها في قلبهِ و عاش مريضا عقوداً من الزمن إقرأ المزيد