تاريخ النشر: 01/01/2022
الناشر: منشورات باب الحكمة
نبذة الناشر:أنا، هناك، فيها
“في هذا الصيف، الذي أقضي أيامه الأخيرة في بيتي القروي، كتبتُ الكثير، في مشروعات كتابية مختلفة، ما لم أحسب له حسابًا، أو أخطط له؛ حصل بسرِّية، بتدافعٍ أكيد.
كتبتُ كثيرًا من القصائد، ما يجتمع في مجموعة شعر.
كتبتُ من حيث لا أدري، ولم أقصد. مثل فعلٍ تلقائي، يُسابقني إلى التلفظ، ...بل إلى شاشة هاتفي الجوّال.
كتبتُ بيسرٍ شديد، كما لو أنه محفوظٌ في الصدر؛ كما لو أنه خبزٌ انتفخَ عجينُه بمنأى عني.
كما لو أنني مسبوقٌ بما يتهدَّدني في هذه الأيام الأصعب التي عشتُها… في هذه الأيام والساعات واللحظات التي كان عليَّ فيها إيجاد الحلول العملية، الأولية، التي لي أن أتدبرها لكي أبقى قيد العمل، قيد الحياة.
فما عرفتُ يومًا، قبل هذا الصيف المقيت، حاجتي لأكثر من مصدر للكهرباء، ولمّا يتفرع منها من عمل البيت اليومي، وتنظيم حياتي البسيطة.
هذه العودة لي، ولأفراد عائلتي الصغيرة، إلى حياة بسيطة في عالم تكنولوجي معقّد ومتطور، جعلتْني في جهةٍ ما من وعيي وباطني أتعلمُ الحياة في عناصرها الأولى، في عودة متقشفة إلى أبجدية العيش القاسية.
لهذا يبقى ما كتبتُ من شعر أشبه بمن يخاف من الفقدان والخسران. بمن يكتفي من مشهد الشرفة (في مقدمة بيتي إزاء الهضبة الجبلية)، بقليلها، بمتغيرات أشعة الشمس التي أقع عليها في إفاقتي الصباحية.
كنتُ أشعر أنني أغرق، وأُغالب الموت البسيط والكريه، فيما كنتُ بعيدًا عن البحر.
حتى النهر القريب من بيتي لم أقترب منه، لم أمشِ فوق ضفتَيه، كعادتي في كل صيف. كما لو أنني أتراجع وأخاف، وأكتفي بالقليل القليل من مشهدي القديم، مشهد طفولتي…
ما كتبتُ من قصائد يبقى رسائل موجهة، بين ساعة وأخرى، إليَّ، كما لو أنني أتأكد من بقائي، من تنفسي لحظة تلو لحظة.
لهذا كتبتُ في قصيدة : “أيتها القصيدة، جِدِيني فيكِ”.
فأنا لم أعُدْ هنا، بل هناك، فيها. إقرأ المزيد