تاريخ النشر: 01/12/2022
الناشر: دارة إبن الزكري
توفر الكتاب: يتوفر في غضون 48 ساعة
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة الناشر:قال الشيخ الأكبر مولانا محيي الدين بن عربيّ الحاتميّ رضي الله عنه في كتابه رسالة الوقت: إنّ وقت المُريد الصادق برزخ بين الجلال والجمالِ، فهو لا يشهد في الزمن الفرد العالم فيه لله بالعبودية، إلاّ مسألة الجواز بين وجودهِ وعدمهِ في عين ذلك الوقت، وإلى ذلك الإشارة بقولهم "الصوفي ابن ...وقته".
وحقّ أنّ يُقال إن الصوفيّ ابن زمانه، ولذا صمدَ الفكر الصوفيّ أمام كلّ التيارات، وامتزج بكلّ المذاهب الإسلاميّة، بل كان من الصوفية أنفسهم من بلغَ درجة الإجتهاد، فقد عاشَ الصوفيّة مع الناس وبين الناس، وبحثوا في كلّ دقائق مناحي الحياة؛ مزجوا بين الذّكرِ والفِكر، وبين الموسيقى والطبّ، وبين القصة والفقه، وبين الأسماء الإلهية ومعانيها، وبين اللغة والحرف والاسرار، بل ذهبوا أبعد من ذلك؛ إذ كان الإنسان همّهم، ألا ترى كيف أسفر ابن عربي عن نتائج الأسفار، وكيف كان الوصول عند فريد الدين العطار عبر منطق الطير، وما يحكيه الناي في المثنويّ عند مولانا جلال الدين الروميّ ومعاني الأسماء الإلهية عند عفيف الدين التلمساني وغيرها؟.
لكن الصّدمة في أن تكون هناك مدارس استشراقية تجعل التصوف زهداً وعُزلةً وخلوةٌ دائمةٌ وإِعراضاً عن الحياة ورهبانية مبتدعة؛ وهذا هو الغالب على البحث الإستشراقي؛ بل إن هناك من ذهب بعيداً في رؤيته مثل "أسين بلاثيوس" الإسباني و"لويس ماسنيون" الفرنسي، الذين - على الرغم من جهودهما العظيمة في الإفصاح عن حقيقة شخصيّة جدلية كبرى خصوصاً بالنسبة إلى المستشرق الثاني - قد أوقعا التصوّف في المعني الرهبانيّ للخلوص إلى مُسمى جديد يمثّل حسبهما ويصرّح به الأول منهما في كتابه (El Islam cristianizado)، وهو أنّ التصوف نتيجة حتميّة للفكرة الأساسيّة وهي فكرة "المُخلص" والصلب والحبّ المزدوج بالدم والعُزلة والرهبانيّة.
وهذا كلّه لم يكن إلاّ مجازاً عند الصوفيّة وإشارات، كما يقول الحسين بن منصور الحلاج نفسه: إذا أهل العبارة ساءلونا... أجبناهم بأعلام الإشارة... نشير بها فنجعلها غموضاً تقصر عنه ترجمة العبارة...
ويأتي هذا الكتاب القيّم ليردّ على هذه النظرة الإستشراقية القاصرة أحياناً، ويوضّح أنّ التصوّف الذي هو ضبط الحواس ومراعاة الأنفاس، لم يكن أبداً حاجزاً بين المرء والحياة، ولم يكن ذكراً وعزلة وانقطاعاً عن الناس، بل بالعكس كان حياً بين الناس بكلّ المقاييس؛ ولذلك كُتب له البقاء، لأنّه اختلط بالناس في كلّ جوانب حياتهم الاقتصادية والسياسية والإجتماعية والقانونيّة والصحيّة والدينيّة والعلميّة والثقافيّة وغيرها.
لا يُثبِتونَ وَلا يَنفونَ ما لَه... لَعَلَّهُم بِحَقيقِ الأَمرِ آواءُ… إقرأ المزيد