تاريخ النشر: 11/07/2023
الناشر: دار فاصلة للنشر والتوزيع
نبذة الناشر:لم يكن العنف الجذري مجرد رد فعل، ولم يرتكز على معطيات نفسية سيكولوجية تفسره وتدرج مرتكبيه في خانة المرضى النفسانيين واعتبارهم مجرد حالة شاذة.
فالتفسير السيكولوجي عاجز عن تبرير هذا العنف، لأنه يجعل من مرتكبيه إما كائنات خارج الإنسانية أو حالات مرضية شاذة أو أشخاصاً مرضى بالسلطة والقمع والتسلط.
كان هذا التفسير ...قد وجد له أرضية عند المنتصرين - حالة دول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية - وأولئك الذين تبنوا سياسات المتابعة القضائية، ثم أخيراً من تبنوا مقاربة المصالحة والحقيقة، فكانت كل هذه الدعاوى تستند على ضرورة الخروج من حالة البربرية الشاذة والعودة إلى الحالة الطبيعية والعادية.
والحال أن كل هذا العنف الجذري جرى تبنّيه في ذروة الحداثة والتحديث، ونهل من تصورات سياسية وفكرية قيل عنها أنها تشيد صرح الحداثة السياسية والفكرية، ولم يكن من الممكن حصول هذا العنف لولا أرضية فكرية وسياسية وعلمية كاملة الأركان.
إن مرتكبي العنف الجذري لم يكونوا مجرد وحوش أو شواذ عن الحالة الطبيعية، بل الأجدر القول أنهم كانوا على وعي تام بسياستهم، وأنهم بقدر تبنيهم لهذا العنف، بقدر اقتناعهم بأصول الفكر العلمي الحديث، فلم تكن مراحل هذا العنف تقتصر على تصنيف تقليدي بين الخير والشر، ولم يكن هؤلاء مجرد أشرار خرجوا طوعاً عن سيرورة الحداثة والتحديث، ولم يكن تاريخ العنف مجرد مرحلة هجينة وشاذة أفسدت سيرورة التقدم الغربي، بل لقد كان يعبر عن مأساة إنسانية خالصة. إقرأ المزيد