المسرح الخليجي من التقليدي إلى فضاء المسرح العالمي
(0)    
المرتبة: 124,624
تاريخ النشر: 19/01/2022
الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي
نبذة نيل وفرات:تُعد الحداثة المسرحية نتاجاً للتحولات والتغيّرات الاقتصادية والسياسية حول العالم . وتعود بداية تأثّر المسرح العالمي بموجات الحداثة إلى منتصف القرن التاسع عشر . وكان للتقلّبات السياسية والثورات والحروب أثر بالغ في بلورة أشكال الحداثة حول العالم ، حيث قامت الحربان العالميتان ، الأولى والثانية ، بتشكيل نفسيّات المبدعين ...من الشعراء والأدباء والفنانين والمسرحيين . فسادت بينهم توجهات جديدة مثل التمرّد على الأُطر الكلاسيكية ، وانتشار الفوضى ، وغياب القانون ، وانعدام الخدمات ، وتوقف دور المؤسسات ، كما كان ذلك سبباً في انزواء الفنان على ذاته ، والشروع في البحث عن إبداع حديث برؤى الحداثة . حققت الحداثة منذ ظهورها إنقلابات جذرية على مستويات المعرفة الإنسانية كافة ، وقدمت تعريفات ومفاهيم جديدة لتطوّر الطبيعة ومعنى التاريخ والبُنى الفكرية والإجتماعية . وهي تعمل بقوة على اكتساح ما هو تقليدي ، وتفكيك ورفع قدسيته بكل جرأة . إلا أنها - في ثورتها تلك - لا تقوم بالإجهاز على الإبداع التاريخي وصولاً إلى الفناء التام ، ولكنها لها أساليبها في تحرير التقاليد وتفريغ محتواها لصنع إبداع إنساني جديد . هذا وتتصف الحداثة بقدرتها على الإنتشار عبر الفضاءات المعرفية والفنية ، وكان التوسّع الاقتصادي الرأسمالي والإعلامي وسيلة طيّعة لها ، مكّنتها من إحداث شروخ في المنظومة التقليدية على جميع الصُعُد . وعلى الرغم من مضي أكثر من مئة وخمسين عاماً على وجود المسرح في الوطن العربي ، ومحاولة تكيّفه مع الإرث الثقافي العربي المتشبث بأدبيات السرد والشعر وجرى الكلمة ؛ إلا أنّه وجد نفسه أمام تحدٍّ كبير ، إذ كان عليه أن يبحث عن ضالته من خلال الإجابة عن سؤالي الأصالة والمعاصرة اللذين لازما ظاهرة الحداثة في المسرح العربي . وواجهت الحداثة في هذا المسرح تحديات كبيرة ؛ أهمها صعوبة التخلّص من الحوارات السردية . فالعرب يشقون الكلمة ويعظّمون من شأنها ، لذلك هيمن المنطوق على البصري في الثقافة العربية المعاصرة . هذا ولا يختلف حال مسرح دول الخليج العربي عن المسرح العربي ، فهو منذ بداياته عاش أشكال التخلّص من الحوارات السردية ، إلا أنّه تمكّن من مجابهة ذلك ، والتحليق في سماء الحداثة والتمرد على السائد والمألوف . ويواجه واقع الحداثة في هذا المسرح معضلة الصراع بين التقليد والتجديد خلال النهضة التي عاشتها معظم البلاد الخليجية ، وتمحور ذلك الصراع كثيراً بين قضايا الأمس ؛ حيث التراث والتاريخ ، وقضايا اليوم المستمرة من واقع الحياة المعاصرة ، لتشكّل جميعها خصائص الحداثة في هذا المسرح . ولو تتبعنا ظاهرة الحداثة في مسرح دول الخليج العربي ، سنجد بداياتها بهدف التجديد وكسر النمطية السائدة في الفنون السردية ؛ كالشعر والأهازيج الشعبية والأغاني البحرية في مرحلة متقدمة تطوّرت تجارب هذا المسرح ، وبلغت مرحلة أكثر نضجاً ، وأصبح المسرح يميل نحو الفنون البصرية القائمة على الصورة ، ومن ضمنها المسرح الذي يُعتبر فناً وافراً على هذه البيئة ، ونتج من ذلك تقديم الكثير من العروض المسرحية التي استندت إلى التكنولوجيا الحديثة لإبداع الصورة البصرية المسرحية ذات الطابع الجمالي الفني . من هنا تأتي هذه الدراسة التي يحاول من خلالها الباحث التعرّف إلى مراحل تطوّر الحداثة في مسرح دول الخليج العربي ، بدءاً من الأصالة والمعاصرة حيث التراث والحكاية الشعبية ، وصولاً إلى التجارب المسرحية الحديثة التي تحدرت من الكلمة وركّزت على الصورة البصرية . وسوف يسعى الباحث ، من خلال دراسته هذه ، جلاء خصائص الحداثة في مسرح دول الخليج العربي ، والتوغّل في البحث عن آلياتها ؛ سواء في النص أو في اللغة المشهدية التي يحفل بها العرض المسرحي ، ثم محاولة إستقراء التيارات الحديثة ، وانعكاساتها على المسرح العربي ، وسبر إرهاصات الحداثة الأولى في مسرح دول الخليج العربي ، ودراسة العوامل المؤثرة في نشأتها ، ومدى ارتباطها بظاهرتي الأصالة والمعاصرة ، بالإضافة إلى الإستدلال بتجارب مسرحية خليجية تكون لصيقة بالتراث والهوية ، وأخرى متحررة من الموروث مقترنة بالإتجاهات الفنية العالمية : وذلك من خلال استقراء ودراسة ظاهرة الحداثة في مسرح دول الخليج العربي ، وتحليل ستة نصوص مختارة من المسرح الخليجي في ضوء تضمّنها خصائص الحداثة المستنبطة من ثنايا كل نصّ من النصوص موضع الدراسة وسوف يساهم ذلك في فهم الحداثة في مسرح دول الخليج العربي الذي يمر بمرحلتين الأولى ترتبط بتوظيف التراث والحكاية الشعبية ، والثانية : تستغل الثورة التقنية لإبداع أعمال مسرحية حداثية ترتكز على الصورة البصرية . وذلك في خلال فصول ثلاثة : الأولى منها تمحور حول " مسيرة مسرح دول الخليج العربي . أما الفصل الثاني فقد ركّز على الحداثة في مسرح دول الخليج بينما سعى الفصل الثالث إلى رصد خصائص الحداثة في مسرح دول الخليج العربي . إقرأ المزيد