تاريخ النشر: 08/12/2021
الناشر: دار المقتبس
نبذة نيل وفرات:الخلافة في الإسلام هي رياسة عامة في الدين والدنيا ، قوامها النظر في المصالح وتدبير شؤون الأمة وحراسة الدين وسياسة الدنيا ، فقد كان للخليفة الولاية العامة في الشؤون الشرعية من الصلاة والإفتاء والقضاء والحسبة ، وكذلك في الشؤون السياسية من حماية البلاد وجباية الضرائب ، وإدارة مرافق الدولة ...وأمورها العامة . كان الخلفاء في صدر الإسلام يتعهدون بأنفسهم مصالح الرعية ، ويعملون على حراسة المملكة ، ونشر الدين ، مستنيرين بآراء كبار الرجال وزعماء الأمة ، غير أنّه لما اتسعت الفتوحات الإسلامية وكثرت أعمال الدولة ، ولم يكن من المتيسّر أن يباشر الخليفة جميع الأمور بنفسه ، فكروا في توزيع هذه الأعمال ليتأتى أداؤها على النحو المفيد . فقد رُوي أنّه لمّا وسّدت الخلافة إلى الصدّيق قال له أبو عُبيدة : أنا أكفيك بيت المال ، وقال عمر : أنا أكفيك القضاء . ومن هنا أخذت هذه الأعمال تتوزع على رجال مختلفين . . . ولنتوقف قليلاً عند مهمة بيت المال التي تمّ تخصيص شخص لإدارة أمورها ، والتي لها أحكامها في إطار السياسة المالية الشرعية . وتنقسم الموارد يتكوّن منها إيراد بين مال المسلمين في تلك الفترة إلى قسمين : موارد دورية يُجبى منها الإيراد في مواعيد معيّنة من السنة ، وهي : الزكاة ، والخراج ، والعشر ، والجزية . وموارد غير دورية ليس لجباتها وقت معيّن ، لأن أسباباً غير متكررة لا تدور بدوران الزمن ، بل تكون حياتها مرهونة بوقت وجود أسبابها وهي : الجمارك ، والغنائم ، والفيء ، والمعادن ، والزكاة ، والتركات التي لا وارث لها ، ومال اللقطة ، وكل مال لم يُعرف له مستحّق معين . ومن تتبّع الشرعية الإسلامية ؛ مصادرها ومواردها ، نصوصها ومعانيها وكلياتها وجزئياتها ، يرى أنها عُنيت بالشؤون المالية أي عناية ، ووضعت لها سياسة حكيمة رشيدة عادلة في مواردها ومصارفها ، لم تدع ناحية من تلك النواحي إلا وفّتها حقّها ، وذلك واضح في كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفيما خلّفه السلف من الأئمة المجتهدين من قدوة فقهية . من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة حول السياسة المالية الشرعية ، وقد تمحورت حول الموضوعات التالية : تحدث الباحث في المستهل عن السياسة المالية الشرعية انطلاقاً من حاجة الدولة إلى الحال بما يرتبط بها من توطيد الأمن ، وسد نفقاتها في كل ما يصلح صلاح البلاد والعباد . وعليه تقوم الدولة بعمليتين : الأول جمع المال من أفراد الرعية . الثانية توزيعه وإنفاقه على المصالح المشتركة ، ومجموعها هو السياسة المالية للدولة وهي تدبير الدولة ومصارفها على وجه يكفل سدّ النفقات التي تتطلّبها المرافق العامة والمصالح المشتركة بدون إرهاق للأفراد ولا تضييع لمصالحهم الخاصة ، مبيّناً أن هذه السياسة لا تكون عادلة إلا إذا بُنيت على قاعدة العدالة والمساواة في كل من الجمع والتوزيع ، أما العدالة في التحصيل فتتحقق بأمور : 1- ألا يطالب أحدٌ بغير ما وجب عليه . 2- أن يكون ما يُؤخذ من كل شخص متناسباً مع درجة يساره ؛ بمعنى أن تكون الفريضة معيّنة من الدخل الذي يتمتع به في ظل الدولة . أما العدالة في التوزيع فتتحقق بمراعاة جميع المصالح على قدر أهميتها ، فلا تراعى مصلحة دون أخرى ، ولا يقدم المهم على الأهم ، لا وكس ولا شطط ، ولا إفراط ولا تفريط . ثم لينتقل الباحث إلى الحديث عن أساس وضع الضرائب وما يجوز فرضه وما لا يجوز ، وليبيّن من ثّمَ الموارد المالية الإسلامية ، التي يتكوّن منها إيراد بيت المسلمين والتي تأتي ضمن قسمين : 1- موارد دورية وهي موارد يجنى منها الإيراد في مواعيد معيّنة وهي : الزكاة ، والخراج ، والبشر ، والجزية . 2- موارد غير دورية : ليس لجبايتها وقت معين ؛ لأن أسبابها غير متكررة لا تدور بدوران الزمن ، بل تكون جبايتها مرهونة بوقت وجود أسبابها ، وهي : الجمارك ، والغنائم ، والفيء ، والمعادن ، والركاز ، والتركات التي لا وارث لها ومال اللقطة ، وكل مال لم يعرف له مستحق معين ، وقد عمد الباحث إلى بيان موارد الدولة تلك بما يماثلها في التقسيم الحديث ، والتي تمّ تقسيمها أيضاً إلى قسمين : موارد عادية : وهي التي من شأنها أن تتكرر وتتجدد في مواقيت متوالية : كضريبة الأرض الزراعية وعوائد الأملاك . وموارد غير عادية ، وهي التي لا تتكرّر بل تُجبى في مواعيد غير منتظمة ، وقد تدعو إليها الضرورة من وقت لآخر لسداد عجز في نفقات الدولة . مبيّناً بأن من أمثلة هذا القسم في التقسيم الحديث لموارد الدولة : الأملاك التي تؤول إلى الدولة لانقطاع الوارث . وإلى ذلك ، ققد عمد الباحث من ثّمّ إلى بيان ما شرّعه الإسلام في كل مورد من الموارد السابقة ، مكتفياً ببيان النظريات العامة والأحكام الكلية . وأخيراً تجدر الإشارة إلى أنّه تمَّ وضع هذه الدراسة وفق منهج الدراسة للسنة الثانية من قسم إجازة القضاء الشرعي . إقرأ المزيد