تاريخ النشر: 29/06/2022
الناشر: دار الروافد الثقافية
نبذة نيل وفرات:يقدم هذا الكتاب قراءة مميّزة للفلسفة الكلامية لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي ، قراءة تناهض تلك السردية التي سادت لعقود كثيرة الأوساط الأكاديمية الغربية ، بل والعربية إلى حدٍّ ما ، والتي تنظر إلى هذا العالِمْ المتكلّم الجليل على أنّه مناهض للحركة العقلية والفلسفية في الإسلام ، والذي يتهم ...كلّ من يخالف مواقفه الفكرية بالكفر والزندقة ، فعلى النقيض من تلك السردية ، يؤكد مؤلف هذا الكتاب ، " فرانك غريفل " ، أن الغزالي ، بنظراته النقدية للتراث الفكري الإسلامي السابق له ، قد وضع أسس توجّه فكري جديد في الإسلام يُعرف باسم " الفلسفة الكلامية " ، وهو التوجّه الذي كان له ، كما يؤكد المؤلف ، عظيم الأثر في صيانة الخطاب الكلامي والفلسفي الإسلامي في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي وما بعده . يبدأ الكتاب بإعادة بناء سيرة الغزالي ، حيث عمد المؤلف إلى إبراز السِمة الموسوعية في فكر هذا العالِمْ الفذّ . فقد تعدّدت المنابع العلمية التي نهل منها الغزالي ، بدءاً من دراسته للعلوم الإسلامية التقليدية ، كعلوم اللغة العربية ، والقرآن والتفسير ، والفقه الشافعي ، وأصول الفقه ، كذلك دراسته لعلم الكلام الإسلامي والفِرق الكلامية ، وعلوم المنطق والفلسفة ، ووقوفه على المعارف والتجارب الروحية الصوفية . كذلك حرص المؤلف على إظهار مدى وعي الغزالي بالمشاكل الاجتماعية ، والسياسية والدينية في عصره ، ومحاولته معالجة هذه المشكلات في كتاباته المتنوّعة . لقد شكّلت هذه العوامل جميعها ، كما ينصّ المؤلف ، عقلية هذا العالم المبرّز الذي استحق بجدارة لقب حجة الإسلام ، والمحدّد ودانشمند " الأستاذ الحكيم " . إن اتهام الغزالي بأنّه المتسبّب في إنهيار الحركة الفلسفية في العالم الإسلامي جاء على خلفية تكفيره ثلاثة من آراء الفلاسفة الميتافيزيقية وهي : قدم العالَم ، وعدم علم الله بالجزيئيات ، وأفكار البعث الجسماني . وهنا يرى المؤلف أن تلك السردية قاصرة عن إدراك موقف الغزالي الحقيقي من سلطة الوحي ، سواءً أكان قرآناً أم حديثاً نبوياً ، وسلطة العقل ، كما أنّها قاصرة عن تحييز المعايير التي وضعها الغزالي لأحكام الكفر ، والزندقة ، والبدعة ، والتضليل ، والخطأ . ففي الفصلين الثالث والرابع من هذا الكتاب ناقش المؤلف إستعمال الغوالي لهذه الأحكام الشرعية ، كما تعرّض بالتفصيل لقانون الغزالي في التأويل . هذا القانون الذي رسّخ مبادئه في عدد من كتبه ككتابه " فيصل التفريق بين الإسلام والزندقة " ، و " قانون التأويل " ، و الجام العوام عن علم الكلام " . وهنا ينصّ المؤلف على أن الغزالي في تجهيزه بين الكفر والزندقة قد وضع أساساً شرعياً عقدياً للتسامح الديني في الإسلام . فالغزالي يفرّق بين الآراء المبتدعة التي يمكن التسامح فيها والآراء التي تُعدّ كفراً وزندقةً فلا يمكن التسامح فيها ، وهي الآراء التي تناقض المعنى الظاهري من نصّ الوحي ، هذا المعنى الظاهري الذي لم يقم البرهان العقلي على استحالة . إبتداءً من الفصل الخامس إلى الفصل التاسع عالج المؤلف النظرية عند الغزالي ، حيث سعى إلى تفسير متناسق للأفكار المختلفة التي تبيّن وجهة نظر الغزالي حول كيفية خلق الله للعالم ، وكيفية تدبيره له ، وقد اتبع في تحليله الترتيب الزمني لمؤلفات الغزالي التي عالجت خلق الكون ؛ بدءاً بكتابه تهافت الفلاسفة ، وعلى وجه الخصوص المسألة التي نقد فيها الغزالي موقف الفلاسفة القائلين بأن الإقتران بين السبب والمسبب ضروري ، إلى آخر كتبه الذي انتهى الغزالي قبل أيام قليلة من وفاته ، وهو كتاب الجام العوام عن علم الكلام ، وخلال بحثه بين المؤلف على أن الغزالي لم يكن منكراً لمبدأ السببية ، وهذا عكس السردية التي تزعم أن الغزالي قد قوّض السعي في طلب العلوم الطبيعية لمبدأ السببية وقوانين الطبيعة ، كذلك يرى المؤلف أن الغزالي لم يكن رافض بالكلّية لفلسفة إبن سينا ؛ بل استطاع الغزالي تطوير موقف توليفي جمع بين علم الكلام الأشعري وفلسفة إبن سينا الإلهية . فالغزالي يرى أن ثمّة إقتران بين السبب . ومسبّبه ، وأن العقل الإنساني قد يحكم بضرورة هذا الإقتران ؛ ولكن العقل ألإنساني لا يستطيع الوقوف على طبيعة هذا الإقتران ، ومن ثَمَّ فإن هذا الإقتران على خلاف ما هو عليه ؛ أي أنّه ليس في حقيقة الأمر ضرورياً . ومهما يكن من أمر ، فإن الباحث يشير أنّ هدفه من هذا الكتاب هو أن يبيّن رؤية شبلي النعماني للغزالي [ العالم الهندي الذي ألقى محاضرة في دار لندوة العلماء ودار العلوم التابعة لها في مدينة لكنو في شمال الهند عام 1908 حول الإمام أبي حامد الغزالي ] حول ما جاء في محاضرته في دور الغزالي في تاريخ الفكر الإسلامي ، تلك الرؤية التي يؤكّد الباحث أنّها أقرب للحقيقة من نظرة كلٌ من أرنست رينان ، و ت . ج دي بور . نبذة الناشر:"هذه الدراسة هي واحدة من أكثر الدراسات حول الغزالي إحاطةٌ وتبحراً على الإطلاق، فكتاب غريفل هو رحلة فريدة من نوعها، ستظل علامة فارقة في مجال الدراسات الغزالية لفترة طويلة قادمة". - مجلة Theological review
"[هذا الكتاب] مقدمة مفيدة للغاية عن حياة وفكر أحد أهم علماء الكلام، ليس في العالم الإسلامي فحسب، بل على صعيد العالم أجمع، فالغزالي مفكر لا يضاهى، وكما يشير مؤلف الكتاب، ما زلنا لا نعلم الكثير عن حياته، إن هذا الكتاب هو عمل أكاديمي متميز عن فيلسوف مهم ومثير للإعجاب". - أوليفر ليمان، أستاذ الفلسفة، جامعة كينتاكي
"كتاب فرانك غريفل الجديد هو تركيبة واضحة في أحدث دراسة أكاديمية عن حياة الغزالي، عن إرثه الفكري؛ عن منهجه التفسيري؛ عن أفكاره عن خلق العالم، وعن مفهومه عن السببية الإلهية والإنسانية والطبيعية، لقد نجح غريفل في تقديم صورة متماسكة ودقيقة للنظرية الكونية لهذا المفكر متعدد الأطياف، الذي كان فقيهاً، وصوفياً، وناقداً للفلسفة، وعالم كلام فلسفي". - روبيرت فيستوفسكي، أستاذ مساعد، معهد الدراسات الإسلامية، جامعة ماكجيل
يعد الفكر المسلم، الغزالي (ت. 6666 م)، أحد أكثر علماء الكلام والفلسفة تأثيراً في تاريخ الإسلام، وهو مرجعية للتقاليد الفلسفية الغربية، والإسلامية، والكتاب الذي بين أيدينا هو دراسة شاملة عن حياة الغزالي وعن نظريته الكونية: عن كيفية خلق الله الموجودات والأحداث في هذا العالم؛ عن أفعال الإنسان وعلاقتها بشمولية قدرة الله؛ عن كيفية انتظام الكون في بنيته، ويقدم فرانك غريفل مراجعة نقدية جادة لوجهات النظر التقليدية المتعلقة بالغزالي، موضحاً أن أهم إنجازات الغزالي هو تأسيس علم كلام عقلاني جديد عمد من خلاله إلى تطويع وجهات النظر الأرسطية لمفكرين، مثل ابن سينا، كي تتوائم مع التيارات الفكرية الراسخة داخل الخطاب الكلامي الإسلامي.
ويبرهن غريفل على أن الغزالي قد قصد وَضْع نظرية كونية جديدة تضمن أطرها متابعة السعي في طلب العلوم الطبيعية، وتضع الأساس الذي عليه ستزدهر العلوم الإسلامية والفلسفة في القرن الثاني عشر الميلادي والقرون التالية. إقرأ المزيد