تاريخ النشر: 18/10/2021
الناشر: دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:تخللت تاريخ الفكر البشري كله فقد أزمنة سحيقة فكرة المعرفة التي تفوق المعرفة البشرية العادية كلها، والتي لا يستطيع الناس العاديون الوصول إليها، والموجودة في مكان ما وتخص شخصاً ما، ووفقاً لمذكرات معينة من الماضي، شكلت تلك الفكرة معرفة مختلفة تماماً عن معرفتنا لجوهر الفكر البشري ومحتوياته في تلك ...الأيام التي كان فيها الإنسان يختلف قليلاً، أولاً يختلف إطلاقاً، عن الحيوان وفقاً لبعض الآراء، المعرفة الخفية هي بالتالي شيء يسمى "المعرفة القديمة"، لكن هذا لا يفسر أي شيء طبعاً، يجب الإشارة إلى أن الأديان والأساطير والمعتقدات كلها، وأساطير البطولات الشعبية لكل الشعوب وفي كافة العصور، قامت على الإعتراف بوجود معرفة معينة في مكان ما وفترة ما تفوق بكثير المعرفة التي نمتلكها، أو التي يمكن أن نمتلكها، كما يتكون محتوى الأديان والأساطير كلها إلى حدّ كبير من الأشكال الرمزية التي تمثل محاولات لنقل فكرة هذه المعرفة الخفية [...].
ضمن هذه المقاربات يأتي هذا الكتاب الذي يقترح كاتبه مقاربة مختلفة أو جديدة لفهم أو قراءة الإنسان والعالم / الكون بالإستناد إلى مفاهيم الفيزياء والرياضيات، والمشاهدات العينية للإكتشافات الأثرية، وقراءة مختلفة للنصوص والسرديات الدينية تنطلق من الهامش نحو المركز، أو مما يعد خارج العلم والمقاربات العلمية مثل الأحلام والغيبيات وأفكار التقمص والعود الأبدي، والقدرات الخارقة والغامضة (غير المفسرة علمياً حتى الآن) في البناء والعمران والتنظيم، كبناء الإهرامات وأوراق "التاروت" ومهارات الضبط والتحكم البوذية إلخ إلى نظريات النسبية وفيزيا الكون والفلك والبنى البيولوجية والفيزيولوجية للإنسان.
وإلى هذا، فإن المؤلف كان حريصاً على تفكيك أو قلب المنظور المعتاد لما يعدّ علماً، ورؤية كونية للعالم، ليقول إنه ليس كذلك؛ أي أن الكثير من النظريات الرائجة غير صحيح أو زائف، ومثل ذلك نظريات التطور (الداوينية) ونظريات التقدم وحركة التاريخ والتحولات الحضارية؛ إذ ثمة ما يجب التدقيق فيه، أو بالأحرى ما يجب التنبه إليه، وربما الإعتقاد به، من منظور الكاتب، وهو الإيمان بوجود نوع من الروح الكونية، تسري في كل شيء تقريباً، لكن من الصعب على كثير من الناس إدراكها أو تلمسها.
يفرد الكاتب حيّزاً كبيراً، مثلاً، للحديث عن النمل والنحل، وكيف أن لها قدرات كبيرة على التفكير والفعل، وأن لديهما قصدية واضحة فيما يقومان به، وهو إذ يعطي الأساطير موقعاً مهمّاً في الفكر والتاريخ البشري، فإنه يرفض مثلاً فكرة التطور الداروينية؛ بل هو يهاجمها بشدة، ويفعل مثل ذلك حيال الماركسية، وهو إذ يفرد حيّزاً كبيراً للعقائد والسرديات المسيحية، ومقاطع طويلة من الإنجيل؛ يعلن من شأن يهوذا، ويحاول أن يقرأ موقف الأخير من المسيح، قراءة تبريرية، قد تبدو غير متناسية مع الموضوع، ولا شك أن الكاتب مقاصد مختلفة من ذلك.
وإلى ذلك، فإن حديثه المطول عن تاج محل في الهند أو المولوية في الأناضول، لا يحيل إلى ارتباط بالبعد الثقافي أو الديني الإسلامي، فهو بالكاد يذكر الإسلام، كما أنه لا يورد آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، وهو إذ يذكر فكرة "التقمص" أو "العود الأبدي" مثلاً، وتأثيرات هذا النمط من العقائد في المشرق؛ إلا أنه يعدّها مع كثير من أصول وميراث التصوف نوعاً من "المعارف الزائفة"، ولو أنه يعود لإدراج ما يرفضه في فقرات يحاول من خلالها فهم كيف أن أفكار فيثاغورث وبوذا حاضرة في مذاهب وعقائد كثيرة حول العالم.
وأخيراً، يمكن القول بأن أداء الكاتب يبدو، على أهميته، وقدراته، متفاوتاً يختلف مزاجه وإيقاعه من موضوع إلى آخر، قلم متشدد ومتسلط، ويقين لا حدود له...
لكن سياحته بين الأفكار والموضوعات مهمة ولافتة، ويقدم قراءة متميزة لكل ما يطرحه تقريباً، ويطرح أسئلة لا نمطية، ويحاول تقديم إجابات لا نمطية، ويوسّع النقاش والمداولة، فاتحاً بذلك آفاقاً أمام العقل لإختبار فَهمٍ مختلف لما يجري في عالمنا.نبذة الناشر:الإنسان واعٍ تماماً بأنه محاط بجدار من المجهول، ويؤمن في الوقت نفسه بانه يستطيع اختراق هذا الجدار، وبأن ثمّة من استطاع أن يخترقه؛ لكنه لا يستطيع أن يتخيل ما يمكن أن يكون خلف هذا الجدار، هو لا يعرف ما الذي يمكن أن يجده هناك أو ما الذي يعنيه امتلاك معرفة.
يتكوّن البشر بشكل عام من حلقتين، حلقة خارجية وأخرى داخلية، يشبه البشر في الحلقة الخارجية أوراق الشجرة التي تتغير سنوياً، ومع ذلك يعدّون أنفسهم محور الحياة، ولا يفهمون أن الشجرة لها جذع وجذور، وأنها تحمل أزهاراً وثماراً إلى جانب الأوراق.
أما الحلقة الباطنية فهي بشر ضمن بشر إن جاز التعبير، وهي دماغ البشرية أو روحها الخالدة حيث تُحفظ جميع إنجازات الثقافات والحضارات ونتائجها ومكاسبها.
يريد "أوزينسكي" في هذا الكتاب أن يشاركنا رحلته في الكون، ويجعلنا نراه بمنظور جديد تندمج فيه الأفكار العلمية والدينية والروحانية والفنية، بعد أن سبر أغواره بأسلوبه الخاص البعيد عن التقليد والتلقين.
وسواء اتفقنا معه أم اختلفنا، فمن المؤكد أن طريقته هي إحدى الطرائق التي يمكن أن نرى بها الكون. إقرأ المزيد