محطات إيمانية ؛ نظرات قرآنية
(0)    
المرتبة: 143,774
تاريخ النشر: 13/07/2021
الناشر: دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لا مراء في كون الإيمان هو المتطلب الأول الذي يتطلبه الإسلام من البشر كافة، إذ به يتحقق الهدف من إرسال الرسل، وبعث الأنبياء، وإنزال الكتب السماوية، وبه يتحقق للبشرية السعادة الحقيقية التي أرادها خالقها لها، بدءاً من هذه الحياة الدنيا، وانتهاءً بالجنة التي هي دار الخلود ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا ...الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾... [سورة البقرة: الآية 82].
ولا ريب في أن الإسلام لا يقبل من أتباعه أن يكون إيمانهم إيماناً مبتسراً مجزوءاً مقتصراً على جوانب دون غيرها، بل لا محيص عن كونه إيماناً تابعاً جامعاً للجوانب المتنوعة التي لا بد من الإيمان بها، وقد نعى على الذين كانوا من بني إسرائيل يعمدون إلى التجزئة والفصل، فيتخيّرون الجوانب الأخرى التي يثقل عليهم فيها الإيمان: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾... [سورة البقرة: الآية 85].
ثم إن الإيمان الحقيقي، في المنظور الإسلامي، ليس مجموعة من المعتقدات الفكرية التي يعتقد بها المسلم وتظلّ تارة في صقع ذهنه فحسب؛ بل لا بد لهذه المعتقدات من أن تخالج أحاسيسه وتخالط كل مشاعره وتصبغ وجدانه وتعطي حياته النفسية الداخلية طابعها المميز.
وهذا لا شك سيظهر أثره على اللسان، فيغدو لساناً مقرّاً بأركان الإيمان ذاكراً ربه سبحانه وتعالى، ولن يلبث ذلك كله حتى ينعكس على جوارح الإنسان كلها، فيجعلها لا تتحرك إلا بما يرضي ربها، ولا تسكن إلا حيث يريدها هو أن تكون كذلك، وبصير الإيمان إذ ذاك ظاهراً في كل أبعاد الشخصية المؤمنة، متجليّاً في جميع آفاقها ومكوناتها مثلما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين سئل عن الإيمان: "الإيمان معرفة بالقلب، واقرار باللسان، وعمل الأركان".
ولما كان هذا هكذا، كان للحديث عن الإيمان وأبعاده مجالاً في كل جوانب حياة الشخصية المؤمنة، بلا استثناء لجانب دون آخر، فالأفكار والمشاعر والأقوال كلها مشمولة في هذا النطاق الفسيح الوسيع الذي تسميه الإيمان.
وهذه الحقيقة كفيلة بإيضاح عدم إمكانية استقصاء كل المجالات الداخلة ضمن هذا النطاق، كان لا مناص لمن أراد الخوض فيه من اختيار هذه المحطات الإيمانية المحددة، التي اشتمل عليها هذا الكتاب... متوقفاً عندها دون سواها... متأملاً، ومتدبراً، عسى ربه أن يوفقه للسير على ما تيسر منها له أن يتناوله منها.
وتجدر الإشارة إلى أن تلك التأملات الإيمانية التي تضمنتها هذه المحطات هي في الأصل مجموعة من المحاضرات القصيرة التي أعدها د. اللواتي، وقدمها في إذاعة القرآن الكريم بسلطنة عمان في شهر رمضان المنقضي (1441هـ) والذي حرص فيها على تنويع المحطات التي توقف عندها؛ كما يكون هذا التنوع مؤشراً جليّاً على مدى رحابة الآفاق وإتساع الأبعاد التي يتناولها الإيمان من شخصية الفرد المؤمن والمجتمع الإيماني، وليكشف ذلك عن الطريقة الفريدة الخاصة التي يبني بها الإيمان أتباعه، ويؤهلهم بها لتحمّل مسؤولياتهم وأداء وظائفهم المنوطة بهم، تلك التي من شأنها أن تأخذ بأيديهم، في نهاية المطاف، إلى حيث النعيم الأبدي والسعادة الخالدة. إقرأ المزيد