المطلع ومعه حاشية الشهاب القليوبي
(0)    
المرتبة: 41,961
تاريخ النشر: 13/05/2020
الناشر: دار التقوى للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:إن أول ما ارتسم في عقول ذوي البرهان، وأعلى ما نطق به نوع الإنسان... حمد لله تعالى المتفضل على ضروب عبيده بالإحسان، والمفيض على المنيبين إليه أشكال اللطف والغفران، وقد ورد في فضل العقل ما لا يُحصى من الآثار، وسبق في بيان شرفه ما لا يُعدّ من القصص والأشعار.
وهذا ...ولا بدّ للعقل السليم من ضوابط تضبطه، وقواعد تحكمه، وآلات تبعده عن الشطط وقوانين تحميه من الغلط، وخير طريق موصل إلى ذلك هو علم المنطق، الذي قيل في تعريفه: إنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الوقوع في الخطأ في الفكر.
فعلم المنطق - كما قال الإمام الملوي - هو معيار لسائر العلوم، وقانون لدقائق الإشارات والفهوم، وشفاهُ من عضال داء الخطأ في مسالك الإنتظار ومفتاح لصعاب أبواب التحقيق عند مطارحة النظّار، وأوّل من ألف فيه في الإسلام؛ الفيلسوف أبو نصر الفارابي المعلّم الثاني، ثم تكاترت المؤلفات بعده إستمداداً من كتبه وكتب الفيلسوف الرئيس ابن سينا، وكان علم المنطق في تلك الآونة محدود الفائدة ضيّق الثمرة؛ إذ كان آلة ومعياراً للنظر في العلوم الإلهية والطبيعية، ومقصوراً عليها، إلى أن جاء الإمام المجدّد حجة الإسلام أبو حامد العزالي، فنظر في هذا العلم فحرّره، وألّف فيه مؤلفات قيّمة، وأبدع فيه إبداعات كثيرة؛ من جملتها: أنه غيّر في بعض كتبه أغلب مصطلحاته التي درج عليها المنطقيّون في مؤلفاتهم، نسمّى مثلاً القياس: بـ (الميزان)، والشكل: بـ (النظم)، والقياس الإقترانيّ: بـ (ميزان التعاول)، والقياس الشرطيّ المتصل: بـ (ميزان التلازم)، والمنفصل: بـ(ميزان التعاند)، وأيضاً: لم يجعل هذا العلم مقصوراً على العلوم الإلهية والطبيعية فقط؛ بل جعله مِحَكَّاً للنظر في جميع العلوم ومعياراً لها.
وقد أُلِّف في هذا الفن مؤلّفات عديدة منذ عهد الفارابي؛ ومروراً بالإمام الغزالي، ووصولاً إلى الإمام أثير الدين الأبهري الذي يعتبر إمام هذا الفن في زمانه، والذي ألّف فيه مؤلفّات محقّقة نفيسة، ومن جملة مؤلفاته فيه: متن "إيساغوجي"، الذي جاء شرحه في هذا الكتاب، وهو متنٌ متين، محكم القواعد، كثير الفوائد، لخّص فيه قواعد هذا الفن أحسنَ تلخيص، وحرّر مسائله أحسن تحرير، أورد فيه ما يجب إستحضاره لمن أراد أن يبتدئ في شيء من العلوم، ولم يفقد هذا المتن رونقه وبريقه؛ بل بقي مُعّتَمَدَاً حتى يومنا هذا رغم ما أُلِّفَ بعده من متون من قبل العلماء المحققين في هذا الفن، ومعنى "إيساغوجي" في اليونانية: الكليات الخمس؛ الجنس والنوع والفصل والخاصة والعرض العام.
إلا أن الإمام الأبهري لم يقصر رسالته على الكلام على الكليّات فقط؛ بل حصر متنه في خمسة أبحاث، وهي: بحث الألفاظ، وبحث الكليّات الخمس، وبحث التصورات، وبحث القضايا، وبحث القياس؛ فتكون تسمية المتن من باب إطلاق الجزء وإرادة الكلّ.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن متن "إيساغوجي" هو القسم الأول من "الرسالة الأثيرية"، وهذا القسم مخصوص في الكلام على علم المنطق، أما القسم الثاني منها؛ فمخصوص في الكلام على العلم الإلهي والطبيعي، وهذا القسم هو المشهور بـ"هداية الحكمة".
وجرى المؤلف في تقسيمه هذا على طريقة الحكماء الإسلاميين، كابن سينا في "الشفاء" و"الإشارات"، كذلك أيضاً السعد التفتازاني في "التهذيب"، والكاتبي في "الشمسية" وقد جمع متن "إيساغوجي" جمعٌ من العلماء، وحشّى عليه طائفة من النبلاء، ونظّمه ثُلّة من الفضلاء، ومن أحسن شروحه المحقّقة، والتي لاقت قبولاً وإنتشاراً ونفعاً في أقطار العالم الإسلامي وخصوصاً الديار المصرية والشامية...
شرح شيخ الإسلام وقاضي القضاة، زين الدين أبي يحيى زكريا الأنصاري، والذي سمّاه بـ "المُطْلُعْ" الذي بين يدي القارئ، وهو شرحٌ لطيف، حلّ فيه ألفاظه، وبيّن مراده، وفتح مغلقه، وقيّد مطلقه، وقرّب بعيده، وكشف عن دقائق أغراضه؛ كل ذلك على وجه لطيف، ومنهج منيف.
ونظراً لأهمية هذا الشرح تم الإعتناء به، تحقيقاً وضبطاً وتعليقاً، وإتماماً للفائدة عمد إلى إضافة حاشية الإمام الفقيه المحقق شهاب الدين القليوبي، والمسمّاة بـ "الدرّة البهية على شروح المقدمة الإيساغوجية" وهي حاشية قيمة لا غنى لطالب العلم عنها أثناء قراءة "المَطْلَعْ" أو تدريسه، وقد أوضح الإمام القليوبي في هذه الحاشية المبهمات، وأزال المشكلات، وفسّر الضمائر، وقيّد بعض الجمل والعبارات. إقرأ المزيد