مستويات دراسة النص الروائي بين النظرية والتطبيق
(0)    
المرتبة: 180,893
تاريخ النشر: 05/03/2020
الناشر: عالم الكتب الحديث
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:إذا كان من المسلم به، أن دراسة المحكي يجب أن تقوم على أساس لساني، نظراً للإعتبارات السالفة، فإن هناك مع ذلك عائقاً يحول دون تطبيق الباحث لهذا المبدأ، يتمثل في الحدود القصوى الموضوعة للسانيات كعلم يختص بدراسة اللغة: (فمن المعروف أن اللسانيات تقف عند الجملة، وهي آخر وحدة تقدر أن ...لها الحق في الاهتمام بها).
وبذلك يصبح المحكي خارج نطاق اختصاصها، مما يستوجب البحث عن لسانيات أخرى تدخل في اعتبارها ما أسقطته الأولى، وتعنى بالتالي بدراسة الخطاب بشكل عام، بما فيه طبعاً الخطاب السردي موضوع حديثنا حالياً.
وهكذا، فإذا كانت اللسانيات الجديدة المختصة بدراسة النص لم تؤسس بعد، فإنها توجد، مع ذلك، بشكل إفتراضي ضمني على الأقل، في وعي اللسانيين أنفسهم، كفرع معرفي ينبغي إيجاده، إن لم نقل، إنه موجود بالقوة، بحكم العلاقة المتينة القائمة بين الجملة والنص، بإعتبارهما معاً يتشكلان من اللغة، صحيح أنه توجد بين النص والجملة رغم ذلك اختلافات أساسية، لعل أبسطها ما عبر عنه بارث نفسه حين قال: (بنيوياً القصة مساهمة للجملة، إلا أنها لا يمكن أن تختزل لمجموعة من الجمل)، وهو نفس الرأي، تقريباً، الذي أشار إليه الباحث السيميائي الفرنسي كريماص (Greimas)، في معرض مقارنته بين النص السردي والجملة، في المقدمة الهامة التي وضعها لكتاب جوزيف كورتيس (J. Courtés) (مدخل للسيميائية السردية والخطابية) حيث قال: (الخطاب عكس الجملة المعزولة يمتلك ذاكرة (une mémoire).
غير أن هذا، مع ذلك، ينبغي ألا ينسينا ما يمكن أن يوجد بينهما من روابط وتماثلات، تسمح للدارس بإتخاذ الجملة، بمصطلحاتها ومفاهيمها وقواعدها التركيبية، لبنة أساسية أولى في مشروع إقامة صرح اللسانيات النصية الجديدة، وبالتالي فتح آفاق واسعة لتحليل الخطاب، خصوصاً إذا علمنا أن هناك تنظيماً شكلياً واحداً يؤطر كل الأنساق السيميائية على اختلاف أصنافها وأحجامها، وهو ما يسمح بإعتبار، (الخطاب... - جملة - كبيرة - حيث الوحدات لن تكون بالضرورة جملاً - مثلما أن الجملة، عن طريق تمايزات معينة، تصبح - خطاباً - صغيراً).
انطلاقاً من هذه الفرضية - المشروعة - للعلاقة بين الجملة والخطاب من ناحية، واعتباراً لما يجمع الخطاب والمحكي من ناحية أخرى، يمكننا استخلاص فرضية ثانية مفادها أن: (المحكي جملة كبيرة)، مما يسمح بتمرير كل ما يتعلق بلسانيات الجملة - الصغيرة - ، من مفاهيم وتصورات، للسانيات الجملة - الكبيرة - (النص / الخطاب).
وبذلك تحل إشكالية إيجاد نحو (une grammaire) للمحكي، على شاكلة ما هو موجود بالنسبة للجملة من جهة، وتوطد، بالتالي، علاقة الأدب بمادة اشتغاله (اللغة) من جهة أخرى، وهذا ما أكده "رولان بارت" قائلاً: (قد نجد بالفعل في المحكي بتضخيمات وتحويلات تناسب حجمه، المستويات الأساسية للفعل، من أزمنة، مظاهر، صيغ، وضمائر).
فماذا استفادت الدراسة السردية عامة، والروائية خاصة، من ارتباطها باللسانيات؟.
هذا السؤال، وغيره، هو ما سيحاول هذا الكتاب الإجابة عليه. إقرأ المزيد