آل البيت العلوي بالمغرب وأثرهم في الحياة العامة ( شاموا )
(0)    
المرتبة: 122,787
تاريخ النشر: 18/12/2019
الناشر: دار الكتب العلمية
نبذة نيل وفرات:إن التاريخ الإسلامي المجيد حافل بالكثير من وجوه الإبداع والتي هي أحق ما يكون بالدراسة والبحث، ولا سيما سيرة وتاريخ آل البيت النبوي عليهم السلام، الذين شرّف نسلهم مشارق الأرض ومغاربها حاملين على عاتقهم أعباء الرسالة الإسلامية منذ مطلع البعثة النبوية، ولم يضنوا في سبيلها شيء، ولكن بعد أن ...ضاقت عليهم الأرض بما رحبت هاجر من بقي منهم إلى أطراف البلاد، فكانت بلاد المغرب إحدى تلك البقاع التي شرفوها، فعملوا بعد نزولهم بين المغاربة على تثبيت قواعدهم الأساسية بنشر الإسلام بين من لم يسلم، في جلّ البلاد المغربية ولا سيما ربوع الصحراء، التي أسلم على أيديهم أهلها، وعمّقوا دين من كان مسلماً.
فحين يريد شخص ما أن يتحدث عن إنتشار الإسلام وحضارته وثقافته في بلاد المغرب، سوف يجد عدداً من الأسباب لهذا الإنتشار الواسع، لعل منها الدور الفعال والواضح الذي قام به (الإشراف) الذين تزايدت أعدادهم وفصائلهم بتقادم السنين، فدخلتها جموع أخرى من آل البيت العلوي غير الأشراف الأدارسة، مخلفين في كل بلد دخلوها مآثر وآثار لا تزال قائمة خالدة تشهد لهم بحسن الآثر، كما تهيأ منهم، رجالٌ أفذاذ التزموا العلم والدين ساعين إلى حمل رسالة جدهم المصطفى صلى الله عليه وسلم فقاموا بحفظها وتدوينها ونشرها وشرحها وحمايتها من البدع جيلاً بعد جيل، فكان تلك الصفوة التي تفقهت بالدين أثراً كبيراً ومتميزاً في جميع جوانب الحياة، وقد تمخضت عنهم نتائج إيجابية انعكس أثرها على بلاد المغرب عموماً، وذلك في جميع مجالات الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية، فضلاً عن آثارهم السياسية والإدارية والعسكرية المتميزة، أما عن دورهم في الحياة الثقافية فقد كان أشهر من أن يذكر وأسمى من أن يعرف.
وعلى الرغم من ذلك، فإن المكتبة العربية تكاد تخلو من دراسات وكتب حولهم، أو بحث مستقل يجمع مشاركتهم في كل مفاصل الحياة العامة، على الرغم من أنهم كانوا علماء الدين وصلحاء وأصحاب طرق علمية ودينية عديدة؛ إلا ما كتب عن الشريف عبد السلام بن مشيش وتلميذه الشريف أبو عبد الحسن علي الشاذلي الحسني بإعتباره مؤسس الطريقة الشاذلية في المغرب والمشرق، وبعض الشخصيات القليلة جداً، ومع ذلك فإن تلك الدراسات تركزت على الطريقة الصوفية.
من هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة، التي سعت الباحث من خلالها إلى بيان النسب العلوي في المغرب غير الأشراف الأدارسة، إذ أن هناك فصائل علوية حسنية وحسينية تعاقبت على دخول المغرب بمعدل خمسة قرون، وتفرعت إلى أفخاذ وعشائر عدة فكوّنوا بيوتات زخرت بالأولياء والصالحين وأهل العلم والسياسة على مر الزمان فكانوا صفوة أهل المغرب، فهم الأشراف الذين شملتهم هذه الدراسة، فهم الأشراف (السليمانيون الحسنيون) الذين تزامن دخولهم بعد الأدارسة بمدة قصيرة، وأقاموا حكماً مستقلاً لهم في تلمسان عرفت بإمارة (آل سليمان) ثم تبعهم في القرن الثالث الهجري (9 م) الأشراف (السملاليون الحسنيون) الذين استوطنوا سملالة، فكانوا أهل علم وولاية، ليعقبهم بعد ذلك بمدة من الزمن عن طريق الحجاز الأشراف (المحمديون الحسنيون)، فكانوا قواماً صلباً مدعوماً بحب المغاربة حتى تعاقب عليهم الزمن فأصبحوا دولة مستقلة عُرفت بــ (الدولة العلوية المحمدية)، ومنهم من سلك طريقاً طويلاً متنقلاً بين البلدان من العراق إلى صقلية ثم الأندلس ليستقرّ بهم الحال في أرض المغرب وهم الأشراف (العريضيون، والفاطميون الحسنيون)، ثم وصل فريق آخر من الأشراف إلى المغرب بعد غزو المغول للعراق وهم الأشراف (العراقيون الحسينيون)، هذا فضلاً عن الهجرات الفردية حسنية وحسينية، وعنهم تفرعت أغصان شجرة مباركة باقي سلفها أبد الدهر، بها المئات من العلماء والأولياء والصالحين.
وهكذا سعت الباحثة لإحياء تراث هؤلاء وإبراز سيرهم من خلال هذه الدراسة، وذلك بعد أن غاب ذكرهم في بطون الكتب، فلم يعرف أمرهم لا سيما بما أبدعوا به من علوم وتأليف نفائس في شتى المجالات الشرعية والإنسانية والطبيعية، وحبّاً العلم والعلماء حفلت هذه الدراسة بسير تلك الشخصيات الفريدة.
وقد انحصر التاريخ لهذه الدراسة حتى القرن السابع الهجري، هذا ومما أعطى الكتاب مزيداً من الأهمية هو رسم شجرات نسب من قبل الباحثة للفرعين الشريفين الحسني والحسيني ضمت مجموعة من الأعلام والأسر العلوية التي قامت عليها الدراسة ولمدة سبعة قرون، معتمدة في رسمها على مجموعة من المخطوطات والمصادر الأصيلة والمراجع الحديثة. إقرأ المزيد