النجف الأشرف ؛ ألق معرفة , ووهج نضال جهاد الفكر الشيعي
(0)    
المرتبة: 384,344
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار القارئ
نبذة نيل وفرات:قالوا: النجف عاصمة العلم الإسلامي... هي ألق المعرفة، والثقافة الإسلامية لماذا تستقل النجف بهذا اللقب؟... هناك قمُّ، والأزهر، وفاس... لماذا النجف؟!... من ذكريات السنين يأتي الجواب: قم، عاصمة دينية لسانها غيرُ عربيٍّ مبين... فاس... أخذها الزمن إلى النسيان... والأزهر أعطى ولا يزال، لكنه جزء من القاهرة، المدينة المفتوحة على ...ثقافات العالم... فيها ثقافات هجينة... وبعضها يكيد للإسلام...
وتبقى النجف تحسن التراث صافياً، تلوذ بضريح أمير المؤمنين علي، تنهل من فكره اللامحدود: حكمةٌ وعلماً وفقهاً وشجاعةً... وتقىً... أليست هي مدينة عليِّ... وهو باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وسلم؟!!...
فتحت النجف باب الإجتهاد، فواكبت الحداثة، والعولمة، أطّوتهم في حركتها العلمية، واضعةً لإشكالياتهم الحلول الشرعية... النجف عاصمة دائمة للثقافة الإسلامية، صفةٌ لا تُمْنَحُ من الآخرين، بل تصنعها هي بتحقيق مقومات هذا العنوان، تنالها بإنتاجٍ ذاتيٍّ... لا تحتاج لإعتراف من الآخرين... هي تفرض نفسها بتراثها وثقافتها المتمثلة بأمور منها: 1-إنشاء مكتبة تضمّ التراث الإسلامي والإنسانيّ بأطيافه، ملايين مجلدات، وليس الآلاف... بنوعيّاتها تشدّ الباحثين وطلاب العلم من أقطار الأرض، 2-إنشاء متحفٍ إسلاميٍّ، يضم ما أنتجته أيدي المسلمين خلال العصور، من كتابات، ونقوش، وعملات، وملابس، وآلات، وأدوات... بما يمثل إستحضار الإسلام أمام الأجيال الناشئة، 3-إقامة مراكز أبحاث إسلامي لتطوير العلوم الإسلامية، تتواصل فيه المؤتمرات والندوات التي تتناول شؤون المسلمين ووحدتهم، وتطورهم وإستقلال بلادهم...، 4-تعزيز الحوزات العلمية والجامعات المتعدّدة الإختصاصات: المعارف، الفقه، القضايا العلمية والإجتماعية، 5-المدينة الجماليّة تجمّلها الشوارع، والساحات، والحدائق العامة، والمجسّمات الإسلامية، 6-توفير الأمن الإجتماعي، والخدمات الإجتماعية الراقية...
هكذا تفرض النجف نفسها، ومن أجل ذلك يعترف بها الناس... هذا من جهة... ومن جهة ثانية فإن أرض النجف معرفتها التاريخ الإنسانيّ قديمة، بدأت مع آدم عليه السلام الذي توفي فيها 930 للكون ودفن في ثراها وذلك كما جاء في مرآة الزمان 1/224 لسبط ابن الجوزي.
مُصِّرت النجف في الصحراء، وقد لطّف من جفافها نهر الفرات وحوّلتها جداوله أرضاً خصبة تضحك بأزاهير الرُّبى، فقامت على أطرافها مدينة الحيرة، عاصمة المناذرة، وذلك كما جاء في معجم البلدان (4/1328)، وعلى مشارفها أيضاً أسس العرب الكوفة عام 17هـ...
وإلى هذا كله... فإن النجف أرضٌ طيبة تعطرت بشذى الأنبياء، وترغت بتسابيح الملائكة، واستحمت بإبتهالات المؤمنين، يرفعون الصلاة، ويسألون الغفران... الكلمات الطيبة تعانقت مع الورود، والحدائق الغنّاء، فاستلهم الشعراء جمالات الطبيعة النجفية حفلت بها كتب الأدب...
وللنجف أسماء كثيرة منها: الطور، والظهر، والجودي، والربوة، ووادي السلام، وبانقيا، واللسان والغري والمشهد... هي تلك النجف... وما جاء في هذه السطور ما هو إلا غيضٌ من فيض ما حاول المؤلف في بحثه هذا تسليط الضوء على تاريخ هذه البقعة من الأرض التي أطلق عليها النجف الأشرف... يعرفّها المؤلف هويّةٌ وتاريخاً قديماً وتاريخاً إسلاميّاً متنقلاً من ثم إلى التعريف بنجف اليوم بتقديم صورتها الحضارية بما يجري بين جنباتها اليوم من لقاءات طلابية هادفة لتعزيز مدى عمق الثقافة الإسلامية والتعريف بها، وبما تزخر به من حركة دائية للنسخ والطباعة بما يعني غزارة المؤلفات التي تولدها كل يوم تلك التطلعات في مجال الدين والحياة، وأولئك المؤلفين الذين يتمتعون بطاقات تشحذها دراساتهم الإسلامية والإنسانية في تلك الحوزات العلمية، بالإضافة إلى ما تحفل به النجف من صحافة وأقلام، ومكتبات، ومنتديات أدبية، وحركة دأبها مناصرة اللغة العربية.
ولم يقف قلم المؤلف في إسترسالاته في التعريف بالنجف، فقد عمد أيضاً إلى تسليط الضوء على التاريخ النضالي لها، في المعهد التركي، ماضياً، ثم النضال من أجل إستقلالها الذاتي، ومواقفها النضالية مع شاه إيران ومجاهرة أبنائها للإنكليز... وروعة السرد تنجلى في وقفة عند النجف كألف للمعرفة من خلال سرد تاريخها العلمي، وتسليط الضوء على مدارسها ماضياً وحاضراً، في جميع المراحل وصولاً إلى التعليم الجامعي، ولتكون محطته الأخيرة عند المرجعيات والتعريف بهم (المرجعية الإمامية، المرجعية العلمانية، وبيان المراحل التي مرت بها المرجعيات إلى تشكيل جهاز المرجعية وتكريسها لقيادة الأمة، لينتقل من ثم إلى بيان الموقع الإستقلالي للنجف على جميع الأصعدة: المالية، القضائية، والإستراتيجية العدائية... مختتماً بالحديث عن المرجعية والنظام العالمي الجديد في ظلّ الوضع الراهن. إقرأ المزيد