تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: دار الفكر المعاصر
نبذة نيل وفرات:لعبت القارة الأوروبية في الفترة الزمنية الممتدة من العام 1869 إلى العام 1914 ، على الرغم من أبعادها الضيقة ، دوراً متفوقاً في حياة العالم الحديث ، وذلك لأنها : 1- أسهمت عن سعة في نموّ الموارد الطبيعية للقارات الأخرى . 2- ضربت المثل في طرق تنظيمها ومبادلاتها ، ...حتى أنها فرضتها . 3- وأخيراً ، نشرت مفاهيمها إن من وجهة نظر تنظيم الدولة ، أو من وجهة نظر الدين أيضاً . وهكذا كان للقارة الأوروبية ، بمثلها وبجاهها ، نفوذ قاطع ، فقد دعت شعوباً يجهل بعضها الآخر لتدخل مع بعضها في علاقات . كما أنّها صاغت على صورتها مجتمعات قديمة مثل المجتمعات الآسيوية أو الإفريقية ، ولذا كان التوسّع الأوروبي حادثاً أساسياً من حوادث الدور ( الحديث ) ، وإذا لعبت أوربة ، على الرغم من فرقتها ، هذا الدور ؛ فذلك لأن الأوروبيين كانت عندهم ، خارج أوربة ، عاطفة تضامن ساعدتهم على أن يكون لهم نفوذ جماعي على شعوب القارات الأخرى . بدأ هذا التوسّع في بداية القرن السادس عشر ، مع الإكتشافات الكبرى ، وكان هدف هذه الإكتشافات تنمية العلاقات التجارية ثم البحث عن طرق للوصول إلى السلع والمواد التي تحتاجها أوربة ، كالتوابل والمعادن الثمينة ، وفي الحقيقة ، أن هذه الإكتشاف كان له نتيجة غير متوقعة ، وهو اكتشاف أمريكا ؛ فمن القرن السادس عشر إلى الحرب العالمية الأولى ، نما التوسع الأوربي بشكل مستمر تقريباً ، وساعده التنافس بين الدول الأوربية التي فهمت نفع المؤسسات الإستعمارية . في البدء تأسست أمبرطوريتان هما : الأمبراطورية الإسبانية والأمبراطورية البرتغالية ، ثم في القرن السابع عشر ، الأمبراطورية الهولاندية . وفي القرن الثامن عشر تشكّلت امبراطوريتان إستعماريتان : إنكليزية وفرنسية . وتوسّعت روسيا في آسيا . أما آخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ، فقد كانا ملحوظين بفترة توقّف . وفي ذلك العصر حدثت ثورة المستعمرات الأميركية التي أدّت إلى تشكيل الولايات المتحدة الأميركية ؛ وثورة المستعمرات الإسبانية ، وكان من نتيجتها تأسيس جمهوريات مستقلة في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية . وهكذا نجت هذه البلاد من الإستعمار الأوربي ، ولكن إعمار هذه القارات كان في القسم الأعظم منه من عمل الأوربيين . ولكن الجهد الإستعماري عمله في ( 1830 ) خاصة ، وتسارعت هذه الحركة بعد ( 1850 ) لتؤدي ، في عام ( 1880 ) إلى تقسيم العالم ، وخاصة آسيا وأفريقيا . واشترك في هذا العمل قادمون جدد : ألمان ، إيطاليون ، وروس ، بعد عام ( 1919 ) لاقى النفوذ الأوربي كسوفاً . وهذا الكسوف في الهيمنة الأوربية سببته الحرب العالمية الأولى وكان من نتائجها : ضعف أوربة الناجم عن فقدان في الأرواح البشرية وفي الخسائر المادية ؛ لأن الإنتاج الإقتصادي كان مخصّصاً لجهد حرب المحاربين ، ثم ازدياد مكانة الولايات المتحدة بصورة عظيمة في الحياة الإقتصادية ، ولأن اليابان ، التي لم تكن في السابق مصدراً ، أصبحته أثناء الحرب وبقيت مصدّرة . من النتائج أيضاً الضربة الموجّهة لنفوذ البيض ، فقد شوهدت يقظة الشعوب الآسيوية التي سعت لتطبيق الطرق والمناهج الأوربية ، وإنشاء مراكز مستقلة ، عن أوربة ، واتجهت أخيراً لمناقشتها ، وفي الحقيقة ، أن أوربة بقيت المحرّك المشجّع ، ولكن جزءاً من العالم أفلت من يدها . وإلى ذلك ، فإن الدور الأوربي الذي هو مدار هذا البحث الممتد من العام 1869 إلى العام 1914 ، وفيه بسطت الحضارة الأوربية نفوذها إلى الحدّ الأعظم . من هذا المنطلق تأتي هذه الدراسة حول التوسّع الأوربي في العالم الذي استوعب الفترة الزمنية ( 1869 - 1914 ) ، أشكاله وطرقه ، وتم ترتيبها ضمن ثلاثة أقسام . تم في الأول من هذه الأقسام البحث في الظروف العامة للتوسّع الأوربي ، أمّا القسم الثاني فقد دار حول الظروف العامة للتوسع الأوروبي ، وليتم تخصيص القسم الثالث والأخير للبحث في نتائج التوسّع الأوربي . إقرأ المزيد