الدعوة إلى الله تعالى ؛ أساليبها ومسالكها
(0)    
المرتبة: 46,045
تاريخ النشر: 08/05/2019
الناشر: المكتب الإسلامي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:كانت مهمة الرسل عليهم السلام الدعوة إلى توحيد الله تبارك وتعالى وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وإرشادهم إلى الحق حتى يأخذوا به وينجوا من النار ، وينجو من غضب الله تعالى ، وإخراج الكافر من ظلمة الكفر إلى النور والهدى ، وإخراج الجاهل من ظلمة الجهل إلى نور ...العلم ، والعاصي من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة . قال شيخ الإسلام إبن تيمية : " فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن سيقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه " . ولا شك أن دعوة نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هي أعظم وأتم تلك الدعوات وأشملها لأنها خاتمة الدعوات ونهايتها وهذا ما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى [ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ] . وتحقيقاً لذلك قام الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام ليلاً ونهاراً سراً وجهراً حتى أظهره على الدين كله . ثم قامت أمته صلى الله عليه وسلم بتحمّل أعباء الدعوة إلى الله تعالى في مشارق الأرض ومغاربها حتى عم الإسلام أرجاء المعمورة . من هنا فإن أهمية الدعوة إلى الله تعالى لا تخفى على كل ذي عقل ولب ، فلقد بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل وفي جاهلة جهلاء ، لا تعرف من الحق رسماً ، ولا تقيم به في مقاطع الحقوق حكماً ، بل كانت تنتحل ما وجدت عليه آباءها ، وما استحسنته أسلافها ومن الآراء المنحرفة ، والنحل المخترعة ، والمذاهب المبتدعة فاتبه المهتدون وعارضه الضالون ، فأعزّ به الله الدين ونصر به عباده المؤمنين فاستمر تزيّد الإسلام واستقام طريقه على مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعد موته . وبهذه الدعوة الرشيدة التي استنارت بها البصائر واهتدت بها العقول سلك المجتمع الإسلامي طريقاً قويماً ، وصراطاً مستقيماً .. ثم ما زال الاجتماع بعد انقطاع النبوة والرسالة في أشدّ حاجة إلى دعاة مرشدين ، وناصحين وصادقين أمناء يحمون دين الله من عبث العابثين ، ومن كيد الحاقدين ، ويراقبون الأعمال والأخلاق ، ويرشدونه إلى الخير ويحذرونه من عواقب الشر . ويذكر الإمام إبن الجوزي طرفاً من أهمية الدعوة والحاجة إليها وذلك بقوله : " أعلم أن الطباع لما خلقت مائلة إلى حب الشهوات المردية والبطالة المؤذية افتقرت إلى مقوم ومثقف ومحذّر يرد ، فجاء القرآن مثقفاً ومخدراً ، وتتباعث السنة بعد ذلك .. " على أن قال : " ولهذا بعث الأنبياء بالترغيب والترهيب ، وأنزلت عليهم الكتب للتثقيف والتأديب ، فما زالوا مبشرين ومنذرين ، ثم خلفهم العلماء وقد كان العلماء كلهم يذكرون بفتاويهم وعلمهم ... . وعليه فالداعية هو المسلم المكلف شرعاً بالدعوة إلى الله تعالى وفقاً ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك باستخدام وسائل وأساليب خاصة مشروعة ومتنوعة . وإن من أهم صفات الداعية المسلم ، بل وإن من أهم ركائزه التي يرتكز عليها في حياته ودعوته لهو حسن الإعتقاد ، وقوة الإيمان ، وأن دعوته إلى الله لا تكون إلا بالعلم المهتدي بنور الوحي الإلهي وأن العلم وحده لا يكفي في حق العالم أو الداعي بل لا بد من العمل المقترن بالعلم ؛ إذ أن العمل بالعلم من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية المسلم الموفق . على جانب ذلك ، فإن الصبر والثبات على الحق من أهم الأمور اللازمة للداعية المسلم في مهمته الثقيلة والصعبة ، على جانب حسن الخلق ، فللأخلاق أهمية كبيرة ومكانة عظيمة في الإسلام ، فكيف إذا كان المسلم يدعو إليه . [ ... ] ضمن هذه المقاربات تأتي هذه الدراسة التي تتناول واجباً من الواجبات الملقاة على عاتق المسلم ، والذي هو من أهم الواجبات ألا وهو واجب الدعوة إلى الله تعالى . ولهذا القرض عمد المؤلف في بحثه هذا إلى البحث في مسائل عديدة جاءت على النحو التالي : بيان ماهية الدعوة إلى الله ومعانيها لغة واصطلاحاً ، ثم بيان حكمها وأهميتها وأهدافها ، للإنتقال من ثم إلى الحديث عن الداعية بعد بيان معنى الداعية لغة واصطلاحاً ، ثم الحديث عن أهم الصفات التي يجب أن يتحمل بها الداعية ، والأساليب التي يجب اتباعها في مهمته المقدسة هذه ، وليتطرق إلى مواضيع متنوعة لها صلة بأساليب الدعوة في الخلفاء والمكان ، مع بيان مع ينبغي للحاكم فعله وكيفية سياسة الرعية ووجوب تحليه بالعدل لتصل دعوته إلى الله إلى قلوب الرعية ، ولينطلق الباحث من ثم إلى الحديث من مسالك الدعوة بما يتضمن الحديث عن الموعظة الحسنة ، القصص ، المسلك العقلي ، المجادلات والمناظرات ، ضرب الأمثال ، ثم لينهي رسالته هذه بالتحذير من البدع والمبتدعين ممن يدّعون أنهم دعاة ، حيث كان قد بيّن قبل ذلك وجوب الداعية في التزامه طريق أهل السُنة والجماعة . إقرأ المزيد