تاريخ النشر: 03/12/2018
الناشر: دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة الناشر:إذا كان المغاربة بإتفاق، أنهم أكثر المسلمين إتجاهاً نحو الرحلة الحجازية، والرغبة في المغامرة، والإطلاع والرحلة للحج وطلب العلم، أدركنا سرّ نجاحهم وتفرقهم على إخوانهم المشارقة في هذا المجال، وذلك لإعتبارات موضوعية؛ منها حرية التنقل حبر أقاليم العالم الإسلامي، ومنها الوازع الحاكي وأداء فريضة الحج، وزيارة بيت المقدس، وفي الكثرة ...الكثيرة، نجد العشرات بل المئات من تلك الرحلات المسماة (الرحلات الحجازية المغاربية)، التي احتضنتها صدور الكتب وصدور الرجال الرواة الكبار، وأصحاب التراحم والفهارس والأسانيد النظار.
وتتضاعف أهمية هذه الرحلات؛ فهي من تلك المؤلفات القلائل التي أرّخت طيلة عشرة قرون للآداب والفنون، وللحركة الفكرية والثقافية والدينية، في بلاد الأندلس والغرب الإسلامي، وعلى أيام المرابطين والموحدين الزيانيين والمرينيين والحفصيين وعلى أيام العثمانيين والأسبان، والفرنسيين، والإيطاليين.
انطلقت هذه الرحلات الحجازية من غرناطة الأندلس وأشبيلية وقرطبة ومن سبتة وطبخة، والرباط، وفاس، وقلناس، وسلجماسة، والقرويين، وتونس للزيتونة والقيروان وطرابلس الغرب، ومن تلمسان وبجاية دبرنة، وطبنة وبلاد الزاب والجريد ونقطة؛ إبتداءً من المائة الثالثة للهجرة، وأرخت هذه الرحلات لمال وأموال الثقافة وسيد الرجال النبلاء وللمعرفة؛ في أجزاء أخرى من الغرب الإسلامي الكبير، في غرناطة الأندلسيين، وفي تونس الحفصيين، وتلمسان الزيانيين.
وامتدت الرحلات إلى مصر الإسكندرية؛ محطات الركب والحجاج، والمجاز إلى أرض الحجاز، والأراضي المقدسة وبلد الحرمين، وقد كان الرحالة المغاربة أكثر تأليفاً في "أدب الرحلات الحجازية"، وكان أهمل المغرب والأندلس أعزر المسلمين تأليفاً، وأكثرهم رغبة في لقاء أهله، ابتداء من إنطلاقة الرحلة في حواضر العلم وملتقى العلماء (قرطبة، اشبيلية، غرناطة، فاس، القرويين...) ثم (تونس، الزيتونة، القيروان، والإسكندرية، والقاهرة الأزهر)، إلى بلاد الحجاز قلة والمدينة مستقر العلماء وموكل الفضلاء، ولقد أورد شهاب الدين المقري ما يزيد على ثلاثمائة من الرحالين الأندلسيين والمغاربة (الأقصى والأوسط والأدنى) إلى الحجاز.
وإن ما يثير الإعجاب بهذه الرحلات أنه لم يقتصر مؤلفوها على دراسة الحديث واللغة والأدب، وإنما هي كشفت عن المواد والعلوم والفنون المتداولة في الدراسة، وعن تشابك الأسانيد المغربية والمشرقية والأندلسية؛ مما يؤكد على قيمة وأهمية هذه المؤلفات في دراسة الحركة العلمية في عصر معين، وفي ترجمة مشاهير رجاله، لذلك كانت جديرة بالنشر.
ومن هنا، جاءت أهمية دراستها، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه المؤلفات في الرحلات الحجازية، تعتبر أحسن مرجع وأغرزه للتأريخ للحركة العلمية والثقافية، ولجهود الخالدين من رجال الأمة والنابغين من أعلامها.
من هذا المنطلق، جاء عمل الباحث هذا في دراسة الرحلات الحجازية المغاربية، الذي اقتضى عملاً مغنياً في جمعها وترتيبها، وقراءتها وتوثيقها، مما اقتضى منه القيام ترتيبها وتصحيح وضبط النصوص، بالرجوع إلى العشرات من المصادر والمراجع.
كما عمل على الإعتناء بترجمة للأعلام والشيوخ الذين رحلوا وشدّوا الرمال إلى الحجاز، والتأكد من الأسماء والأعيان والعلماء، الذين لقيهم الرحالة المغربي أثناء رحلته، أو الذين جاء ذكرهم ضمن أسانيد ما سمعه أو رواه عنهم بالإضافة إلى ذلك، اقتضى هذا العمل من الباحث، متابعة المواقع والمواطن، والمحطات التي أقام بها الرحالة المغاربي، متتبعاً مسار ومدار الرحلات، والمدن والمحطات التي اجتازها الرحالة، وكذا وقوفه عند الأخبار والموضوعات التي طرقها الرحالة وتسليط الضوء عليها، كما عمد؛ في عمله هذا أيضاً، الحاق كل رحلة مترجمة لصاحبها الرحالة، وذلك بعد الرجوع إلى أمهات الكتب والمعاجم والفهارس، ومن الروايات والشهادات ومحاولة مقارنة وموازنة بين نصوص ومواقع رحلة أخرى، مبيناً الإضافات الواردة في كل رحلة.
وتعميماً للفائدة، عمد إلى تقديم دراسة موسعة لأشهر الرحلات المغاربية، فأبرز في ضوء الرحلة صورة عامة للعصر الذي تم فيه تأليف الرحلة: السياسي، والثقافي، والوضع الإجتماعي، ثم التعريف بالرحالة ورحلاته العلمية، وجهوده في التصنيف والتأليف، وأيضاً؛ والتعريف بشيوخه وتلامذته وأعماله. إقرأ المزيد