ديوان أبي فراس الحمداني؛ الحارث بن سعيد بن حمدان
(0)    
المرتبة: 114,487
تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: دار الراتب الجامعية
نبذة نيل وفرات:إذا كان الناس معادن كما جاء في الحديث النبوي الشريف ، فإن الكتب هي الأخرى بمثابة المعادن ، منها ما يأكله الصدأ في ظرف سنوات قليلة فيتلاشى ويطويه النسيان ، ومنها مثل الذهب ما يظل ناصعاً متألقاً على مرّ القرون ، كهذا كمؤلف أحمد بن الجزار القيرواني " كتاب ...في طب المشائخ وحفظ صحتهم " الذي يوضع من طبعته هذه لأول مرة بين أيدي القراء . وهو كتاب يُنشر لأول مرة ، وذلك عن نسخة فريدة من صورة في دار الكتب المصرية . يتطرق الكتاب إلى حفظ صحة المشائخ ، فيصف لهم إبن الجزاء أدوية جرّبها وحمدها " - حسب تعبيره المعتاد - ثم يقدم لهم نصائح اتفق عليها الأطباء القدامى ، وهي ، وعلى سبيل الذكر : 1- الهواء المحيط بالأبدان ، الذي يجب أن يكون جدياً ، 2- الطعام والشراب ، مع التوقي من الإمتلاء والحذر من الطعام الرديء ، 3- يكون للغذاء " وقت موقوت " ، 4- النوم واليقظة باعتدال ، 5- الرياضة المعتدلة ، وهي شديدة النفع لأبدان المشائخ الأصحاء ، 6- الإستحمام ، ويجب اجتنابه بعد الطعام والشراب ، 7- إصلاح أخلاق النفس . وفي هذا الصدد يجثّ إبن الجزاء على الضحك ، وعلى الإستماع إلى الموسيقى والإبتعاد عن الهموم ولا شك أن جميع هذه النصائح ، بالإضافة إلى نصائح أخرى أوردها المؤلف في ثنايا كتابه ، يقرها الطب الحديث ، وأنها ما زالت صالحة إلى اليوم ، بعد مرور أكثر من ألف سنة على وفاة صاحب الكتاب ، وهو ما يؤكد أنه حقاً كتاب من ذهب . هذا وإن ما يؤكد على قيمة هذا الكتاب ، تلك المصادر التي أخذ منها إبن الجزار ، والتي كانت على صنفين : صنف أعجمي ينتمي إلى الثقافة اليونانية ، والثاني عربي إسلامي أو عربي مسيحي ، وقد أحصاه المحقق ( 40 ) شاهداً أخذها من ( 7 ) علماء ، نوردهم حسب عدد ذكرهم في الكتاب . أ- المصادر اليونانية : 1- جالينوس ( 129ه - 199م ) ، وهو العالم الأبرز على غيره في كتاب طب المشائخ ، فقد أخذ عنه 26 شاهداً . 2- أبقراط ، ويُقال بقراط ( 377 ق.م - 640 ق.م ) ، استمد منه إبن الجزاء سبعة شاهداً ثلاثة من كتاب أبيديما ، ويلق بقراط بالطبيب الفاضل الكامل . 3- أفلاطون ( 347 - 428 ) ويُقال أيضاً أفلاطن ذكره ابن الجزار مرتين ويلقب بأفلاطون الحكيم . كان متقدم على جالينوس ومقدّم في صناعة الطب . 5- أرسطاطاليس ( 322 - 384 ق.م ) يُقال أرسطوطاليس وأرسطاليس ويُكتب ايضاً ( ارسطو ) هو فيلسوف وطبيب يوناني تكلم في الطب وغلب عليه علم الفلسفة . ذكره إبن الجزار مرة واحدة . ب - المصادر العربية : 6- يحي إبن ماسويه ( يقال حنا بن ماسويه ) كان طبيباً ماهراً في القرن الثالث ( ه ) / التاسع ( م ) ، مات سنة 243 ه / 857 م . تعلم الطب على جبريل بن يختيشوع ، وكان من حنين بن اسحق . بدأ ممارسته للطب تحت خلافة هارون الرشيد . وقد ساهم في ترجمة الكتب اليونانية . 7- أبو بكر محمد بن ابي خالد بن الجزار ( عم أحمد إبن الجزار ) ذكره أحمد مرتين في كتابه هذا " طب المشائخ " من تركيب جوارش وشراب . كان أبو بكر قد تلقى علم الطب في صغره عن إسحاق بن عمران وعن تلميذه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي ، كما أخذ عن زياد بن خلفون ( طبيب سكن القيروان ) وعن غيرهم من أطباء ( بيت الحكمة ) . وبالعودة فإن متن مخطوط كتاب إبن الجزار ، هذا شمل ثلاثة أقسام . القسم الأول : يتعلق بطب المشائخ الذي تجاوز سنهم الستين . القسم الثاني : أوله : " قال أبو جعفر إن صناعة الطب يحتاج إليها في كل حين ... " . القسم الثالث : في الترياقات . أما عمل المحقق . فقد اعتمد في إخراجه للنص من المخطوط الإملاء المعروفة والتي تخالف الكتب الخطية القديمة . أما من ناحية الفصل بين الجمل ، فقد أدخل المحقق النقط والفواصل عند انتهاء المباني مع احترامه الترتيب في الأصل ، ولتسهيل الفهم عمد إلى تقسيم النص إلى فقرات . كما أغنى الكتاب بنبذة عن حياة المؤلف إبن الجزار . وإبن الجزار هو أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد ، وهو معروف بإبن الجزار ، كنية عائلته بالقيروان ، التي ولد فيها ، ونشأ في عائلة اشتهرت بالطب والعلم ، وذاع سيطها من المغرب إلى المشرق ، والأندلس ووقع خلاف حول تاريخ ولادته ووفاته . بدأ أحمد إبن الجزار تعليمه ودراسته على والده إبراهيم الذي كان طبيباً وكمالاً وصاحب ثقافة واسعة ، وعلى عمه أبي بكر محمد وأخذ عنهما مبادىء الطب . وهكذا عاش إبن الجزار في هذا المحيط العائلي المشهور بالعلم والطب . فأخذ شتى العلوم وصناعة الطب وكذلك " الصيدلة " التي تشمل علم الأدوية والمفردات الطبية . ولم يكتفِ بما تعلمه عن عائلته ، بل تصدر الأوساط الطبية القيروانية وأخذ عن أشهرهم في هذا المجال . وقد ألّف مؤلفات كثيرة متعددة مثّلت موسوعة كاملة ، جمعت فنوناً مختلفة ؛ الطب ، والصيدلة ، وكذلك التاريخ والجغرافيا والطبيعيات والفلسفة والأدب واللغة ؛ إلا أن أهمها هي تلك التي تتعلق بالعلوم الطبية . إقرأ المزيد