تلك التفاصيل البسيطة في النهايات
تاريخ النشر: 07/08/2018
الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي
نبذة نيل وفرات:لم يمض من الوقت الكثير فعلاً، ولكن كان وقتاً طويلاً من الوحدة، ولم أقو على مواصلة عملي الصباحي في المزرعة، فقد اقتصرت على الإنتظام في المدرسة، لأنها حسب أمي؛ ستكون المخرج الأهم في حياتي، إزدادت خلوتي بنفسي، لأنني لم أكن أود مشاهدة أمي تنقطع في عذاب تذكرها.
لم تكف نساء ...القرية وبعض رجالها من الأهل الأباعد والمعارف عن التردد إلينا، ولكني لم أحب تلك الزيارات، التي لم تكن تواسينا، إذا كان هذا هدفها؛ بل تعمق إحساسنا بالألم، كنت أقوم بدوري المتوقع مني بتقديم الفواكه والإستجابة للنصائح، وأتسلل خارجاً بعد أن يندمجوا وأمي في الحديث، ومن ثم يتحول الأمر إلى إشعار بكبر المسؤولية الملقاة على عاتقي للإعتناء بأمي، وأحياناً يتفرع الحديث ويجنح إلى ضرورة الإمتثال لأمر أمي وتوجيهات عمي، حتى حينما لا يكون موجوداً في تلك الجلسات.
لم يمض وقت طويل بالفعل أيضاً حتى أتى ابن عمي حاملاً الخبر - وكنا في طريق عودتنا من المدرسة - بشيء من الغموض قائلاً أن علاقتنا، كما يبدو، ستتطور من أبناء العمومة إلى الأخوة، فسألته عما كان يعنيه وأخبرني، أحسست بغضب عارم لا يوصف، ولم أرد عليه، لكنني لم أكن متأكداً إن كان يضحك علي، أو يودّ إختبار ردّة فعلي أو غضبي، رميت بالكتب والدفاتر المربوطة بحذامها في الصالة، واتجهت إلى غرفة أمي التي كانت تمشط شعرها أمام المرآة، وقد ساح شيء من الكحل الذي كانت تضعه أسفل عينيها، وسألتها إن كان ذلك صحيحاً.
كان عدم ردها الفوري، الذي لم أفهمه وقتها، يعني أنه كان صحيحاً، وقتذاك لم أسيطر على مشاعري الممزوجة بالغضب والحزن والإحباط، كيف يمكن أن تستبد أي بأحدٍ آخر، بهذه السرعة، ولم يكن أي شخص، بل هو نعلم أنه لا يمكن أن يعوضنا عن أبي أو عن مكانته لدينا، وخصوصاً بعدما عشنا شدة تعلقنا به في إثر رحيله، قالت إنه لمصلحتي أنا، ولأشياء كثيرة لم أفهمها الآن فعلت هذا الأمر، وسأفهم حينما أكبر، ولم يكن قراراً بملء إرادتها هي أيضاً، ولكنها وافقت لأنه الأفضل من بقائنا وحيدين، وخصوصاً لي ولمستقبلي... وخرجت، آلمني شعوري بأن ثمة مقايضة في المستقبل قد تكون سبب زواجها... توقعت منها أن تناديني لتحاورني، لكنها لم تفعل...".
قصص وتفاصيل ونهايات حكايات لا تجد لها من الأمل بارقة.... أحزان... وشؤون... وشجون تزخر بها تلك المجموعة القصصية... وشخصيات غارقة في هموم الحياة إلى القاع... إقرأ المزيد