تاريخ النشر: 26/01/2018
الناشر: دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع، أطياف للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:فاكهة في غير موسم ...
كنت أتجول ذات يقظة في صباحٍ ممطرٍ بالشرود ... كنت أتجول هناك ... حيث أخذني ديسكُ الذكريات إلى صديقة عمري ، تلك الحديقة المسيجة بما يشبه رحم العذراء ذات السنوات العشر .... كنت هناك أسبح .. في قداسة المكان وبراءة الزمان ، وبياض ...قلب عيسى وعفة مريم ، وصفاء لا يشبهه إلا صفاء حبة عنب من دوحة جنان الخلد .. كنت أتوضأ هناك من ماء الطهارة ، وأصلي في محراب الحب .. كنت هناك قبل أن أخرج متدحرجاً على عتبات سلم تاريخنا الوجع ، ممسكاً بأبجدية المعرفة التلقينية اللفثاء مشبهاً بذلك الببغاء !! الآن يتعتق لساني من التأتأة لينطق بجنون الكلمة ، متمرداً عليّ بي وبقلمي لأغازل بشبق بياض الورق الصقيل ، وتتدفق شهوة الكتابة لأخلق من جديد !! نعم من جديد بقدمين هما أشبه ما تكونان بقدمي صوص تمدد على سور زنزانة البيضة المختومة بقدر التكوين . ثم أخذت في السير بكلتا القدمين الضعيفتين منتعلاً خيل العزيمة بعد أن تشظتا بالخمس والخمسين شوكة ، وتورمنا بكدمات الأيام على طريق الحُلم ... وأخذت في السير متجهاً إلى تلك الحديقة ... حديقة عمري لإعادة ترتيب جدارها بمسحات الجمال ، وريّ شجراتها بعذوبة الكلمة ، وتثبيتها بعين الحب ، حتى تحت غصونها وأزهرت ورودها ، ونضجت فاكهتها ... لكنها ( فاكهة في غير موسم ) .... [ .... ] جميل أن يفتتح الشاعر باب حدائق شعره بمفتاح سحري .. أو بكلمات سحرية كما علي بابا ( إفتح يا سمسم ) كلماته تنطق عذوبة .. ومعانيه تقفز فتختال مجازات وتشبيهات تشكل صوراً لطيفة تمتع من وقف على أعتاب تلك الحديقة .. فيدخل عند انفتاح بابها .. وتطلّ عليه بأزاهيرها المترعة بجمال الكلمة .. والعابقة بسحر البيان ... ويقرأ في قضيدته عند الغروب :
كانت الدنيا مطر عند الغروب .. والشجر بأحضانها تستقبله / والزهر والورد يلعب بعد الهبوب .. حجته .. بس الصحيح يغازله / والسواقي تطلع وتنزل طروب ... مادِري .. تغريه لو تتجاهله / والنخيل أمن الفكر لين القلوب .. من ظلال غيومها متسربله / والسعف واللبن ينخل في الحبوب .. يأخذ بكمه الخلال ويغسله / والحمام اقروب يستقبل اقروب .. يميل أبغيّ النجوم ويفتله / والظلام مكحل عيون الدروب .. ما شفت عمري دروب مكحّلة / بس ذاك اليوم كل شيءٍ عجيب .. كل حالات الطبيعة مبدّلة / من سمع ثعبان يستبدل الثوب .. والحمامة تساعده وتبدّله !! / مع سمع ثعلب لعوب ثم لعوب .. مع دجاجة فوق تلّه اتكأ كلّه !! / كل هذا شافته عيون الكذوب .. وما كتبته كلّبوه أتحمله !! ما تحملت الصنوف من الجنوب .. يوم طلّت بالتمر متعادلة / خايفة بعض الفواكه لا تذوب .. وكفها اللي راغبة ومثتيقلة / قلت : جاتك لعنبر أيام العزوب .. ( هي بليّا حيول كيف أمحيّله ) !! طالعنا .. أهلين وأنوت بالهروب .. والكتب وثيابها متبلّلة / قلت : يا ماي المطر لكن يروب يا قديد الصبح يا نهر الوله / ورجعت وعيونها تسبي القلوب .. بأجمل أنواع الخجل متكحّلة / ...... . عندما يكون الشاعر [ حسن مبارك ] فبكل تأكيد سيكون الشعر غيمة شفيفة في حضن سماء صافية ، أو دمعة حيرى على خدّ عاشقٍ شريد !! إقرأ المزيد