حول العقل والعقلانية العربية: طبيعة... ومستقبلاً.... وتناولاً
(0)    
المرتبة: 185,008
تاريخ النشر: 05/07/2017
الناشر: منشورات ضفاف، منشورات الاختلاف
نبذة نيل وفرات:يحتاج المجتمع العربي في مطلع القرن الجديد إلى عملية تغيير إرادي عقلاني فاعل، بحيث يشمل ذلك التعبير أساليب التفكير والسلوك والقيم وإيجاد مكانة للفرد في المجتمع من أجل بناء نهضة عربية شاملة بمنطق عقلاني جاء إن العقلانية لم تكن لتعني منظومة مبادئ فلسفة مجردة، ولا إرادة سيطرة على الطبيعة ...والإنسان فحسب؛ إنما حولت العقل عند المفكر السياسي الديني والأخلاقي والفلسفي إلى نظرة مغايرة لما كان يقال عن الإنسان والدين والدولة في الوطن العربي.
ومن هنا، لا بد من التطلع إلى نظرة جديدة تقاوم التسلط؛ ليس بموجب تناغمها وتناسقها مع مبادئ منطقية، وإنما عملاً بمضمون قيمي إنساني يحمي إذا ما تحرر الإنسان الفرد والمجتمع من الإستبداد الذي تحكم فيهما.
وقد جاء هذا الكتاب "حول العقلانية" للدكتور حسام الآلوسي مثالاً رائداً في التحليل الفكري والفلسفي للعقل العربي في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الأمة العربية في مواجهة العولمة وغطرسة القطب الواحد، حيث تناول في دراسته هذه وبالتحليل مباحث في فلسفة وإشكاليات الفكر العربي وطرق معالجتها، فقد جاء في بحثه في إشكالية العقلانية في الفكر العربي والذي أخضعه إلى مسلمات ثلاث، الأولى أنه لا توجد عقلانية مطلقة غير منتمية إلى واقع وغير محددة بزمن وأحداث وظروف؛ بل إن "العقلانية" هي دائماً عقلانية معاشة ومكونة تاريخياً.
والمسلمة الثانية أن "عقلايتنا" المكونة تاريخياً والمعاشة إلى اليوم ومهما كانت في أعلى مستوياتها، هي عقلانية مختلفة عن الدين في المنهج، وربما في جزئيات من الطروح الدينية، إلا أنها من حيث المضامين والموضوعات تكاد تكون واحدة، وإن هذه العقلانية لاهوتية مثالية روحية، عربية مطلقة.
والمسلمة الثالثة، إن العقلانية العربية الإسلامية قد كونت عبر التاريخ بنية عضوية متماسكة ذات سمات وخصائص قوية مستمرة الوجود، سيتعرض الباحث من ثم النشأة التاريخية لتكون العقلانية العربية وإلى اليوم.
وقد توصل من خلال ذلك إلى وجوب اشتراطات لها، وهي أن تكون عقلانية تكاملية تعددية، ذات مستويات مختلفة ورؤى تعددية وفكرية في جو تعايشي حواري تتساوى فيه الفرص.
وخلص في هذا المبحث إلى ضرورة الإلتفات إلى حقيقة الصراع الدائر اليوم، وهو ليس صراعاً فكرياً دينياً في الأساس؛ بل هو صراع إقتصادي إستعماري.
وفي موضوع "الفلسفة والعلم تكامل لا قضاء" بين الباحث طبيعة الحقيقة الفلسفية ونظرتها الشمولية للأشياء، بينما العلم يعتمد على الفرضية والإثبات، موضحاً تكاملية العلم والفلسفة، وأنه آن الأوان للأخذ بالمنهجين معاً، دون أن يحلّ أحدهما محلّ الآخر؛ حيث أن منطق العقل وحقائق الواقع أمران غير متعارضين.
إن الفلسفة لها مكانتها الخاصة بجانب العلم، كما أن العلم يستفيد من الفروض والطروح الفلسفية، فالفلسفة هي علم المعرفة وعلم القيم، ليتناول الباحث من ثم بالتحليل "الفلسفة" في الفكر العربي المعاصر من خلال عرض لتاريخ الحركة الفلسفية العربية وتطورها، بإيراد أهم الإتجاهات حول أصالتها أو عدم أصالتها، وخلص إلى وجود فلسفة عربية، كما أن الساحة الفلسفية العربية تشهد وجود عدد كبير من المحتكمين إلى النقل والعلم والتجريبية، وما شئت من فلسفات تقوم على العقلانية والسببية والحتمية، وأن بالإمكان الوصول إلى إبداع فلسفي عربي حديث، لا يقبل الشك والتردد، حتى توفرت الظروف الكافية، وهذه الفترة قطعت أشواطاً لا بأس بها إلى الآن.
أما في موضوع البنية والعلامة فقد خلص إلى أن البنية وليس العنصر البسيط هو الأساس، وأن البنية أو الكل هو بشيء أكبر من مجموع عناصر، وأن للكلّ أولوية على الجزء، وللبنية أولوية على العنصر، وأنه لا عنصر يستطيع لوحده احتواء الكل، وأن التحليل والجمع يفقدنا المعرفة بالأشياء، وبدلاً من ذلك يجب الإنطلاق مباشرة من الحقائق المتشابكة، المعطاة وغير القابلة للتحليل.
إلى جانب ذلك تناول الباحث موضوع الإستشراق ودراسية مستعرضاً آراء الكتاب العرب والأجانب الذين كتبوا في هذا الموضوع، مبيناً بالتحليل وجهات نظرهم على إختلافها، وأوضح أنه تمت الإستفادة من الإستشراق، وبالمقابل فإن المستشرقين استفادوا بإطلاعهم على الفكر العربي، والتراث والحضارة العربية ناقلين عنه الكثير.
فالعقل العربي هو مجموع كل النشاطات والمذاهب والمذاهب والتلونات في كل الميادين؛ ميدان العقيدة واللاهوتي والفلسفة والتصوف والفقه والنحو واللغة والعلوم والموضوعية، وهو منتج كل العلوم الهائلة: كمّاً ونوعاً.
وقد أوضح الباحث أن هذا العقل الكلاسيكي، سواء فترة ازدهاره أو بعدها إلى مطلع النهضة العربية الحديثة، قد أدى دوره كاملاً ضمن مرحلته عالمياً، وضمن ظروف المجتمعات والإنسان آنذاك، وضمن وضع الإنسان الإجتماعي والمعرفي والتكنولوجي الآن، ويكفي مقارنة "ماله ومالنا، وما كان هو عليه، وما قدمه، وما نحن عليه الآن، ودوره القياسي بالنسبة للحضارة البشرية في زمانه، ودورنا الآن امام الحضارة الغربية والمعاصرة لنعرف فرق ما بيننا وبين سلفنا [...].
وعليه يرى الباحث أن هناك حاجة، ولبناء النهضة العربية المعاصرة، إلى معرفة الفكر الغربي؛ ليس المعاصر فقط؛ بل وفكر النهضة الأوروبية، وما بينهما، إذ أن الفكر الغربي متعدد الجوانب وقد خاض صراعات لإثبات وجوده من أشكال التفكير السائدة في عصر النهضة؛ بتعدد المناهج، وتعدد الإرتكاز على وسائل معرفية مختلفة، وقد تأثرت المناهج الفلسفية بحركة العلم.
لذا، نحن بحاجة إلى معرفة كل هذا وبأدق التفاصيل وفي شتى المجالات من أجل الوصول إلى إبداع فلسفي عربي، عقلاني علمي، إنساني عارف بشعاب الطريق يكره التعصب ويحترم الحقيقة [...]. إقرأ المزيد