تاريخ النشر: 01/01/2011
الناشر: دار صادر للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:كان اللغويون القدماء قد بذلوا جهوداً عظيمة لجمع لغة العرب منذ بدايات عصر التدوين، فوثّقوا لغة كلٍّ مجال من مجالات الكون: جمعاً وترتيباً وتبويباً وتنظيماً وشرحاً وتوضيحاً، وفق مناهج ومذاهب خاصة ابتكرها أو ارتضاها كلّ لغوي حسب ثقافته وفكره، وقد عانوا في سبيل ذلك شتى أنواع المصاعب والمتاعب: جهداً ...وترحالاً وفقراً ووقتاً، حيث كانوا يسعون إلى الأَعراب في نواديهم وفيافيهم، يتسقّطون الكلام من أفواه الرجال في الأسفار والأسواق والمجالس، ومن أفواه النساء في أحبائهنّ وأخبيتهنّ، دون ملل أو كلل؛ فحفظوا لمن جاء بعدهم لغة العرب بكل تفاصيلها، وهي وَتمتْ أي القرآن الكريم، وسلموها لهم أمانة مصونةً عزيزة.
وكان من تلك المجالات الكثيرة، النخلة التي عاشوا معها، وعاشت معهم في علاقة عضوية متينة، فبالتّأمل في المعاجم وكتب اللغة والبلاغة، الملاحظ كثرة المواد اللغوية والصفات البيانية والمجازية للنخلة وأجزائها، وهذا يدلّ على الحيّز الكبير الذي شغلته هذه الشجرة السّيّدة من حياة العرب ومعاشهم وفكرهم وأدبهم؛ فانعكس هذا على لغتهم، ودخل كثير من سميّات أجزائها إلى استعمالاتهم اليومية؛ ككلمة (الدّقَل) على سبيل المثال؛ فهي ضرُب من النخل، ثم أُطلقت على صاري السفينة و(البتول)، وهي الغسيلة المنقطعة عن أمها، كالمنقطعة عن الدنيا، ومنها البتول: الطاهرة.
وقد تسرّب هذا الإهتمام - إضافة إلى اللغويين - إلى البلاغيين والنباتيين والمصنفين والأدباء وغيرهم.
من هنا، يشير المؤلف إلى نشأة تلك الرغبة لديه، وذلك في جمعه لما جاء في النخلة في العربية، ووضعه موضعاً يليق بها، من حيث الإسم والخصوصية، وله في منهجية عمله هذا، من سبقه في هذا المجال اللغوي الكبير جمال الدين ابن منظور (630 - 711هـ) الذي ابدع حينما جمع اصول من سبقه واستبوعها، وأعاد ترتيبها، فأجاد وأتقن، وجاء عمله الموسوعيّ (لسان العرب) من خير ما ألف من المعاجم.
ويضيف واضع هذا المعجم "النخلة" إلى أنه حذا حذوه، وذلك في إعترافه، انطلاقاً من تواضعه، وذلك في قوله "وليس لي في هذا الكتاب فضيلة أمتُّ بها، ولا وسيلة أتمسك بسببها، سوى أني جمعت فيه ما تغرق في تلك الكتب من العلوم، وبسطت القول فيه، ولم أشبع بالسيير..." مؤكداً، أن هذا "اللسان" كان الأساس في عمله هذا، مستخرجاً منه ما يخصّ النخلة، متتبعاً المعاجم الأخرى، مركزاً على تاج العروس للزبيدي (1145 - 1205هـ) وهو أحد المتبحرين في اللغة العربية.
مضيفاً بأنه وكما اعتمد ابن منظور على أصول قديمة: تهذيب اللغة للأزهري (ت 370هـ)، والصحاح للجوهري (ت 398هـ)، والمحكم لابن سيّدِهِ الأندلسي (ت 458هـ)، واستدراكات أبي محمد بن برّي المقدسيّ (ت 582هـ) على الجوهري، والنهاية في غريب الحدث لابن الأثير (ت 606هـ).
مشيراً على إطلاع الزبيدي على أصولٍ أخرى، إضافة إلى لسان العرب، وما به من تعول عن القدماء، فأخذ من الجمهرة ابن دريد (ت 321هـ)، والمحيط للصاحب بن عباد (ت 385هـ)، والمجمل لابن فارس (ت 395هـ) والموعب لابن غالب (ت 436هـ) وأساس البلاغة للزمخشري (ت 538هـ)، والمغرب للمطرّزي (ت 610هـ) والعُباب للصاغاتي (ت 660هـ)، وتهذيب التهذيب للتنوخي (ت 723هـ) والمصباح المنير للفيومي (القرن الثامن الهجري).
وبهذا يكون لسان العرب، وتاج العروس قد أحاطا إحاطة وافية بكل ما جمعه اللغويون قبلهما.
بالإضافة إلى هذا، كانت مصادر واضع هذا المعجم، كما يشير، ما تتبعه في أصول أخرى، واضعاً ما وجد بين ثنايا مواد معجمه هذا، في الموضع المناسب لكل مادة، فجاء معجمه على هذه الصورة التي هي بين يدي القارئ، وطريقة استعماله هي طريقة ابن منظور في لسان العرب ذاتها: أي البحث عن جذر الكلمة في باب الحرف الاخير وفصل الحرف الأول. إقرأ المزيد