البيئة في الديانات الإبراهيمية
(0)    
المرتبة: 90,332
تاريخ النشر: 20/09/2016
الناشر: دار المشرق
نبذة الناشر:البيئة هي، بشكل عامّ، موضوع الساعة والشغل الشاغل للأجهزة الحكوميّة والجمعيّات الأهليّة في معظم بلدان العالم. إنطلاقًا من المبدأ القائل بأنّ للدّين نظرةً شموليّة إلى الوجود والحياة، نطرح موضوع البيئة في الدّيانات الإبراهيميّة: اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام. ولا غرابة في بحث الموضوع في هذه الدّيانات معًا؛ ففضلًا عن أنّها نشأت في ...البقعة الجغرافيّة نفسها، الشرق الأدنى، فهي تتّفق وتتقاطع في عدد كبير من الأمور الوجوديَّة والحياتيَّة واللاهوتيَّة.
تُعلِّم الديانات الإبراهيميّة أنَّ الله خلقَ الكون وكواكبَه، ومنها الأرض التي جعلها "بيئة" صالحة للحياة، وخلق فيها الحياة النباتيَّة والحيوانيَّة، ومن ضمنها الحياة البشريَّة، وحبا البشر عقلًا فصار إنسانًا يعي نفسه و"بيئته" وقريبه وإلهه، ويميّز الأمور. وهكذا صار الإنسان تاج خليقة الله، ووكيله على أعمال يديه. يعيش الإنسان في بيئة طبيعيّة واجتماعيّة وروحيّة، يتأثّر بها، ويؤثّر فيها.
إنَّ بعض المشتغلين بالبيئة يتّهمون الدِّين بتشكيل مسوّغ يستند إليه الإنسان للإساءة إليها. وقد يكونون على حقّ في بعض الأمور: منها استغلالُ الإنسانِ المصادرَ الطبيعيّة بطريقة عشوائيّة معتمدًا على تعاليم دينيّة، أو ممارسة العنصريّة والفوقيّة بمسوّغٍ دينيّ. لكنّ هذا "استغلال" للدِّين كما نوضحُ في هذه الدراسة.
لم يكن عملُ الخلق عشوائيًّا، بل بحكمة ولقصدٍ إلهِيَّيْن. لذلك، فالخليقة تعكس حكمة الله ومحبّته وقصده الصالح. وشرع الله في تحقيق هذا القصد الصالح في مسيرة الخليقة. في هذه "البيئة" المتعدّدة الأبعاد، كلّف الله الإنسانَ العناية بخليقته لكي تبقى على انسجامها وتوازنها الطبيعيّ، ولكي تحقّق القصد الإلهيّ من الخلق. إنَّ عمل الخلق مستمرّ لـ"إنضاج" الخليقة ووصولها إلى وضعها بحسب القصد الإلهيّ. وهذا ما يُعرف في اليهوديّة والمسيحيّة بـ"الخليقة الجديدة". فهذه ليست بمعزل عن الخليقة الحاليّة، بل نضوج لها. يُعرف هذا أيضًا في المسيحيّة بـ"فداء الخليقة". والإنسان شريك الله في تحقيق هذا المشروع. لذلك، فالعناية بالبيئة واجب دينيّ، وجزءٌ من العبادة التي يؤدّيها الإنسان لله. ولهذا، يجب أن يُستخدم الدِّين محفِّزًا للاهتمام بالبيئة الطبيعيّة ولخلق بيئة اجتماعيّة تتحقّق فيها المساواة والعدالة الاجتماعيّة. هذا هو مشروع تحقيق "ملكوت الله". إقرأ المزيد