تاريخ النشر: 01/01/2020
الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:الفقه في اللغة الفهم، والمراد به الفهم عن الله تعالى في كتابه، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، جميع ما يتعلق بربوية الله تعالى، وسائر أمور الغيب، وما يتعلق بعبوديّة العبد وإستسلامه قلباً وقالباً لأمر الله تعالى ونهيه.
لذا نجد الإمام أبا حنيفة يقسم الفقه إلى قسمين: 1- ...الفقه الأكبر، وهو الفهم عن الإسلام جميع أمور العقائد؛ من الإيمان بالله تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته، وأوامره ونواهيه، والإيمان بالملائكة وسائر أمور الغيب؛ كالإيمان بالكتب، والرسل، واليوم الآخر، وما يجري على الخلق - شاؤوا أم أبوا - من قضاء الله وقدره (معرفة النفس ما لها وما عليها)، 2- الفقه الإصطلاحي: وهو الأحكام الشرعية العملية المأخوذة من أدلتها التفصيلية، كالعبارات من الطهارة والصلاة، والأحكام من الحدود والتعازير، وموارد الدولة المالية ومصارفها كالزكاة والديّات والكفّارات، والمعاملات بين الناس كالبيوع والوكالات والشركات والمضاربات، وصلاتِ المسلمين بغير المسلمين كالدعوة إلى الإسلام والجهاد والغنائم والصلح والعهود، وصلات المسلمين الأحياء بمن يموت منهم كالجنائز والوصايا والمواريث.
من هنا، تبدو شدّة حاجة الناس إلى الفقه الأكبر أولاً، ثم ومن ذكر موضوعات الفقه الإصطلاحي تبدو شدّة حاجة الناس إليه، فإن الفقه هو الفهم عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الحياة العملية، عباديّة كانت أم أسرية، مالية كانت أم معاملات...
وقد كان عمر رضي الله عنه أنه: "كان إذا رأى رجلاً في السوق يبيع ويشتري، ولا يعرف أحكام البيوع دفعه إلى المسجد ليتفقّه، هذا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجع الصحابة رضي الله عنهم في جميع ما يعرض لهم من القضايا، عقديّة كانت أو عملية، يستوي في ذلك فقيههم وعاميّهم، الملازم لحضور مجالسه صلى الله عليه وسلم، ومع أنه كان هناك عدد من فقهاء الصحابة يُفتون في عهده صلى الله عليه وسلم؛ في غيبته وحضوره، إلا أنهم جميعاً يرجعون إليه صلى الله عليه وسلم بقضاياهم وفتاويهم ليستيقنوا حكم الله تعالى فيما قضوا وأفتوا.
وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فقد زاد عدد المفتين من الصحابة رضي الله عنهم حتى بلغ مئة وعشرين صحابياً وصحابية، وعلى كثرة المفتين من الصحابة رضي الله عنهم، فقد اجتمع علم الصحابة في ستة منهم ثم انتهى إلى اثنين منهم فقط، قال مسروق بين الأجدع التابعي الكبير: "وجدت علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ينتهي إلى ستة: إلى عليّ، وعبد الله، وعمر، وزيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأُبَيّ، ثم وجدت علم هؤلاء الستة ينتهي إلى: عليّ عبد الله".
وعبد الله بن مسعود وهو صحابي انتشر العلم والدين على يديه في أصحابه وهم أهل العراق، إذ تفقه بابن مسعود رضي الله عنه أربعة آلاف رجل... وحمّاد بن مسلم بن يزيد: "حمّاد بن أبي سليمان الكوفي هو أحدهم، روى عنه أبو حنيفة ألفي حديث من أحاديث الأحكام، وأكثر من ثلث أحاديث الإمام في مسنده، الذي جمعه الحَصْكَفيّ، هي برواية الإمام عنه، عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها، على هذا الإمام العظيم تفقه الإمام أبو حنيفة، وانفرد به ثمانية عشر عاماً، بعد أن أخذ عن سبعة من الصحابة، وثلاث وتسعين من التابعين وكثير من أتباعهم، حتى بلغوا أربعة آلاف رجل، كما سيأتي المؤلف على ذكر ذلك في موضعه في هذا الكتاب الذي اشتمل على سيرة واحد من أئمة المذاهب الفقهية الأربعة وهو الإمام أبو حنيفة النعمان، الذي قيل فيه: "كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رضي الله تعالى على كل شيء، ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها" [وكيع بن الجراح شيخ الشافعي] وقال الإمام الشافعي فيه: "ما أطلب أحدٌ الفقه إلا كان عيالاً على أبي حنيفة؛ وما قامت النساء على رجل أعقل من أبي حنيفة".
وقال الإمام أحمد بن حنبل "أن أبا حنيفة من العلم والدرع والزهد وإيثار الآخرة بمحلٍّ لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط لِيَليَ للمنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه ورضوانه" وقال الإمام أبو يوسف: "كانوا يقولون: أبو حنيفة زَيّنه بالله بالفقه والعلم، والسخاء والبذل، وأخلاق القرآن التي كانت فيه"؛ وقال الإمام سفيان النوري: "ما مقلتْ عيناي مثل أبي حنيفة"، وقال إمام الجرح والتعديل يحيى بن سعيد القطان: "إن أبا حنيفة - والله – لأعلم هذه الأمة بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" [...].
وهذا مجمل ما جاء في سيرة الإمام أبي حنيفة من مواضيع: بعد المقدمة والتعريف بفضل العلم الشرعي... تناول المؤلف سيرة أبي حنيفة متحدثاً عن طلبه للعلم وشيوخه وتلامذته مردفاً ذلك بإعطاء صورة عنه: أحلامه، وسلوكه، أخلاقه في السلوك مع الله تعالى، ثم لينصرف إلى الحديث عن فقه الإمام: أجول مذهبه ونماذج من فقهه وفهمه الأدلة وعمله بها، واتجاهات فقه الإمام، ثم بيانه حفظه للحديث وفقهه فيه مع إيراد نماذج حول فقه الإمام في الحديث، وبيان أقوال الأعلام المحدثين فيه، ثم تقديم دراسة حول أصول الإمام في العمل بالنصوص لينتقل من ثم إلى دفع شبهات أثيرت حوله بحقائق.
ثم أخيراً ليتحدث عن مؤلفات الإمام، عقيدته، وتربيته وتعليمه، وأخيراً بيان أسباب انتشار مذهب الإمام، والحديث عن المحن التي مرت في حياته الإمام ووفاته. إقرأ المزيد