أصول العقيدة في القرآن الكريم
تاريخ النشر: 01/01/1900
الناشر: المركز الإسلامي للدراسات
نبذة نيل وفرات:إن مما لا شك فيه أن وجود الإنسان على هذه الأرض ليس أمراً عبثياً، من دون غاية وهدف، ولا هو مجرد لعب أو هوى نفس، يمكن أن يُتصور بحق الخالق جلّ وتعالى، بل أوجده صانع حكيم ومدبر خبير، لغاية كبرى، وهدف نبيل، عبّر عنه القرآن الكريم تارة بعبارته تعالى، ...وأخرى بإستخلافه في الأرض، وثالثة بإعماره، وغير ذلك.
ولا يخفى أن هذه الغايات عملية، وأهداف تطبيقية، تدفع الإنسان نحو تحقيق سعادته، وإبراز مكامن قدرته، التي زوده الله تعالى بها، من خلال إفاضة العقل عليه، وحثّه لإستخدام العقل كوسيلة لبلوغ الغاية المرجوة.
ولكن الأهداف والغايات لا يمكن أن تتحقق وتصل إلى شاطئ الأمان، إلا إذا اتبنت على مرتكزات نظرية متناسقة ومنسجمة، بحيث يرتقي إلى مستوى عقائدي، يجعل منها أمراً قيمياً في مختلف أبعاده ومراميه.
وإلى هذا، فإن المنظومة الدينية تشكل أقوى الطروحات في كافة الميادين، وأشدها تماسكاً، وأكثرها إنسجاماً بين النظرية والتطبيق، ذلك أن المنظومة الدينية، خصوصاً الأديان السماوية، توفق بين البعدين الحقيقين للإنسان، أي البعد المادي والبعد الروحي؛ فهي ترى أن الإنسان ليس مجرد أعضاء جسدية وآلات مادية؛ بل إن حقيقته هي البعد الروحي، الذي يكمن وراء هذه المادة، وهو ما يعبر عنه بــ"أنا"، ولا تكتمل سعادة الإنسان إلا بتحصيل كمالاته المادية والروحية معاً.
ومهما يكن من أمر، فقد استطاع الإسلام أن يوائم بين البعدين المادي والروحي للإنسان، وبين تحصيل السعادة والكمال في الدنيا والآخرة على حدّ سواء.
من هنا، فإن هذه المواءمة وتحقيق الإنسجام لا يتحقق إلا إذا ارتكز على أساس متين، وبين فكرية واضحة، هي ما يُعبَّر عنه بــ"علم العقائد"، أو علم أصول الدين"؛ ورغم أن هذه العقائد مسائل عقلية أولاً وبالذات، وهي على الأغلب مسائل فطرية، يدركها الإنسان بمجرد إلتفاته إلى المبدأ والمآل وما بينهما، وعلى أساسها ترتكز مدى الدين، وعليها يقوم بنيانه.
إلا أن القرآن الكريم، الذي جاء مخاطباً العقل والفطرة، قد تعرض إلى مجمل هذه القضايا، من خلال الإستدلالات العقلية، والإرجاع إلى الفطرة الإنسانية، والتنبيه إلى البديهيات، التي يتبني عليها الهرم المعرفي لكي لا يبقى أي وهن أو ضعف وإهتزاز في هذا البنيان المحكم.
من هذا المنطلق، كان التركيز في هذا الكتاب على أصول العقائد في الإسلام، وهي الأصول الخمسة: 1-التوحيد، 2-العدل، 3-النبوة، 4-الإمامة، 5-المعاد.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف لم تكن له وقفة عند العقائد الفرعية التي تبتني على هذه الأصول، نظراً للطبيعة التي بُني عليها هذا الكتاب الذي هو عبارة عن سلسلة محاضرات في مادة "العقيدة في القرآن" التي ألقاها المؤلف على طالبات المعهد العالي للدراسات الإسلامية للسيدة الزهراء، خلال الفصل الثاني من العام 2006-2007م. إقرأ المزيد