أحداث العالم العربي وتفاعلاتها الإقليمية والدولية (2013 - 2014)
(0)    
المرتبة: 183,966
تاريخ النشر: 01/04/2015
الناشر: المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق
نبذة الناشر:هذا التقرير هو محاولة قراءة وفهم للأحداث العربية، التي انعقدت عليها آمال شعوب ومجتمعات تتوق إلى التغيير والتحرر. وبالفعل كسرت تلك الأحداث لحظة اندلاعها الركود الذي هيمن على أحوال الأنظمة عقوداً عدة، فوسّعت المجال العام ومنحت القوى الحيّة فرصة التعبير عن نفسها بعد طول انطواء. لكن قوة التحولات وما رافقها ...من تشظٍ سياسي وفائض في العرض الخطابي كشفت عن بعض ما كان مخبوءاً في قاع الوعي من تناقضات وأزمات وأوهام، ثم أظهرت الوقائع اللاحقة على نحو لا لُبس فيه أن الإستنهاض التاريخي المطلوب لا يمكن أن يختصره التأويل المبسّط لكلمتي الحرية والديمقراطية.
كانت الإنتفاضات العربية السلمية، ولا سيما في أيامها الأولى، تمثّل إجماعاً واسعاً على ضرورة كسر حلقة الجمود المفرغة التي أحاطت بالمنطقة لأكثر من ربع قرن، فساهمت في تقويض ركائز الدولة وأطلقت عنان البحث عن مشروعيات سياسة بديلة خارجها. لكنه كان إجماعاً قصير الأمد ومقتصراً على الحد الأدنى ولا يمسّ قضايا جوهرية. ولذلك بدت الحشود الهائلة التي ملأت الميادين عامل تحريك ظرفي أكثر من كونها قوة تغيير محورية ودائمة. وبدلاً من أن تمضي تلك التحركات، التي بدت كما لو أنها ثورات إصلاحية نقية، نحو غاياتها المعلنة تعرضت لانزياح خطير نحو الفوضى العارمة والحروب الأهلية والفتنة العمياء.
لم يكن هذا الإنزياح كما يزعم نابعاً من نزوع أصلي في مجتمعاتنا العربية نحو الإنقسام والعصبية، ولا من موروثات ثقافية وإجتماعية تمنعها من استيعاب قيم الحرية والتعددية ومن إنجاز التحوّل الديمقراطي على نحو آمن ومقبول. غير أن الفراغ المتعدد الأبعاد والمتسع باطراد كان هو طاقة الجذب السلبية التي دفعت الإنتفاضات بعيداً عن مقاصدها الأولى: فراغ آيديولوجي ناشىء من إخفاق النماذج العقائدية والفكرية التي سادت في الربع الثالث من القرن الماضي دون إيجاد بدائل لها، وفراغ سياسي ناتج عن الإطباق السلطوي على المجتمعات وفشل مشاريع التنمية، وفراغ جيو – سياسي متصل بالإختلال الحاد في موازين القوى ولا سيما مع العدو، والذي كان سيصير شاملاً لولا حركات المقاومة المسلحة.
وعلى العموم لا يأتي هذا التقرير في معرض تقديم تفسير شامل ومتمايز للأحداث، أو سدّ النقص المعرفي المحيط بحاضر أزماتنا ومستقبل منطقتنا، لكنه يطمح، من خلال استعراض آراء طيف متنوع من الباحثين والمفكرين من داخل العالم العربي وخارجه، إلى أن يساهم في إطلاق نقاش هادىء ومتزن بشأن التحوّلات العربية الراهنة، مع تركيز مقصود على التفاعل الإقليمي معها. يأتي ذلك انطلاقاً من الفرضية التي ارتكز عليها التقرير وهي الآتية: بقدر ما كانت العوالم الإقتصادية والإجتماعية بما فيها من عدم مساواة وفقر وتمييز هي المحرك المباشر للأحداث، بقدر ما كانت أسبابها العميقة والغائرة تنتمي إلى الحقل الجيوسياسي القائم على صفائح إقليمية ناشطة، بما فيها من صراعات ومنافسات وموازين قوى وتطلعات ومفاهيم وأفكار ومبادىء. ولذلك نرى اثر العامل الإقليمي يتسع مع مرور الوقت ويتجذر باستمرار وذلك على حساب العوامل الأخرى المحلية أو العالمية. إقرأ المزيد