الشيخ إبراهيم الحوراني شاعر وأديب
(0)    
المرتبة: 192,475
تاريخ النشر: 01/01/1963
الناشر: مكتبة رأس بيروت
نبذة نيل وفرات:إذا صحت تسمية العصر الانتقالي، ما بين العهد الأموي والعهد العباسي، بالمخضرم، قياساً على ما كان بين الجاهلية والإسلام، جاز لنا اعتبار الفترة الفاصلة بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عصراً مخضرماً، لأنها كانت عصر انتقال من نهضة إتباع وتقليد، إلى عصر انطلاق وتجديد، ليس في السياسة ...والاجتماع فحسب، بل وفي الفكر والأدب أيضاً.
والشيخ الحوراني عاش بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومنتصف العقد الثاني من القرن العشرين، فماشى المقلدين في مستهل عهد النهضة، وجارى المجددين في فترة الانتقال، فهو بهذا المعنى أديب مخضرم.
وهنالك مظاهر أخرى يجوز لنا اعتبارها من ظواهر "الخضرمة" في حياته، منها الظاهرة السياسية، إذ عاصر الانتقال من الخضوع للحكم العثماني المطلق، إلى السعي من أجل التحرر القومي، ومنها الظاهرة العلمية، لأنه نشأ نشأة أدبية لغوية، ثم أخذ العلوم المنقولة الطارئة، فاستوعبها ودرسها وألف في بعضها، ومنها الظاهرة الدينية، إذ نشأ ودرج على العقيدة الخالصة، ثم زاوج بينها وبين العلم، ولمس شواهدها في عجائب الطبيعة وغرائب مخلوقاتها، ومنها الظاهرة اللغوية، كما تتجلى في ما خلفه باللغة الفصحى الخالصة من شعر ونثر، وما حاوله في اللغة العامية من أزجال ومقامات فكاهية فالشيخ إبراهيم الحوراني رجل مخضرم، عاش في عصر مخضرم، فهو والحالة هذه صورة صادقة للعصر الذي عاش فيه.
عاش الحوراني مراحل عمره في ظل الحكم العثماني، إلا سنة واحدة، قضاها في مصر (1908-1909) ينعم بالجو الطليق الذي أباحه الخديوي لأبناء مصر. وقد كان يعمل جل حياته في مؤسسات علمية دينية لا تسوغ العنف ولا تجيز التآمر. وكان من طبيعته رصيناً حذراًن فلم يساهم في التمرد المكشوف، لكنه لم يعزل نفسه تماماً عن النشاط السياسي المعارض. فقد انضم إلى العاملين في نطاق النشاط العربي القومي المعتدل، فكان من رواد الفكرة العربية، وعضواً عاملاً في الجمعية العلمية السورية التي انبثقت منها هذه الحركة. لكن الحياة السياسية لم تشغل -بواقع الأمر- جانباً هاماً، لا من أحداث حياته، ولا من نتاجه الأدبي، بل كان رجل علم ودين، أكثر منه رجل سياسة ومغامرة. لذلك كان أبرز اسماً وأظهر أثراً في الناحية الفكرية والأدبية من الحياة في عصره.
وبين طيات هذا الكتاب فرائد سيرته تناولت عصر هذا الرجل من الوجهة السياسية والأدبية والفكرية بشيء من الإيجاز، وتفاصيل حياته بنحو من الإسهاب. وحللت أدبه، فعرضت لشعره وأظهرت خصائصه الفنية، ثم تحولت إلى نثره فذكرت مؤلفاته وتوقفت عند أبحاثه الأدبية والعلمية والدينية لما فيها من الجدة والطرافة. وحاولت أخيراً أن تظهر مكانته في عصره وأقيم آثاره الأدبية، وفاءً بالدور الذي مثله في الفصل الأول من مسرحية هذه النهضة. إقرأ المزيد