التفاعل بين الإسلام والمسيحية في إيران - العهد الصفوي (1501 - 1722م)
(0)    
المرتبة: 27,665
تاريخ النشر: 03/11/2015
الناشر: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:يمثل العصر الصفوي (907هـ / 1501م - 1135هـ/ 1722م) في إيران مرحلة هامة ومصيرية في تاريخ الشرق الأوسط بشكل عام، وهذه الأهمية تتلخص في أمرين أُنجزا على أيدي الصفويين: الأول: توحيد إيران تحت سلطة سياسية واحدة، الثاني: جعل المذهب الشيعي الإثني عشري المذهب الرسمي لتلك الدولة الموحّدة، وبذلك تأسست ...هوية إيرانية شمولية جديدة على قاعدتين رئيستين: واحدة جغرافية، وأخرى دينية.
هكذا صارت إيران الصفوية ظاهرة جديدة في منطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تغيّر كثيراً في مسار التاريخ المشرقي في الفترة التي سبقت مباشرة ما يعرف "بالعصر الحديث".
وإلى هذا، فإن من بين الخصائص البارزة التي طالما ميزت في المجتمعات الشرق أوسطية منذ القدم، ظاهرة إختيار إيجاد "الآخر" القريب جغرافياً أو عرقيّاً أو ثقافياً أو أيديولوجياً، أي الآخر الذي تتداخل خصائصه مع الــ"أنا" لأجل تحديد الهوية الذاتية من خلال معرفة أوجه الشبه والتباين في ما بينهما.
هذا ولما كان الدين يمسك بدقة الفكر في معظم المجتمعات المشرقية، فالخطاب الجدلي الإجتماعي كان يقوم دائماً على الإختلاف في تعيين هوية المقدس وماهيته، ولذلك كان لا بد من إمتلاك الذات المقدسة أو إيجادها، حتى تتمكن من التفاعل، إيجاباً أو سلباً، مع الآخر الذي لا يعتبر نفسه أقل قداسة من الطرف المقابل.
وهكذا تصير جدلية العلاقة بين الأنا والآخر ذات أبعاد تتجاوز حدود التنافس الفردي أو القبائلي، لتبلغ مدى التفاعل الوجودي القائم، فكريّاً وفلسفيّاً، على تفاعل الأضداد والتعايش أو الصدام في ما بينها، مع الإصرار دوماً على ضرورة إستمرارية بقاء التضاد إما تعايشياً وإما تصادمياً؛ من أجل إستمرار بقاء الذات مع وعيّ تام للهوية.
هذه الظاهرة الإجتماعية الإنسانية الوجودية ظهرت في المجتمع الإيراني بجميع طبقاته، في العصر الصفوي، وذلك عندما وضعت إرهاصات التفاعل بين الشرق الإسلامي من جهة، والغرب المسيحي من جهة أخرى، المجتمع الصفوي أمام جدليّات الأنا والآخر.
ضمن هذه المقاربة تأتي هذه الدراسة عن العلاقات المسيحية في العهد الصفوي في إيران في إطار الفهم المتبادل بين الأنا والآخر، في محاولة لرصد هذه التجربة التاريخية وقراءتها.
وإلى هذا، فإن الباحث لم يسع أن تكون دراسته هذه مجرّد إستدعاء للنص التاريخي لإثبات حسن النوايا الإسلامية تجاه الآخر المسيحي، أو تعزيز مقولة أن الإسلام السياسي الذي إزداد حضوره في العقدين الأخيرين من القرن الماضي (العشرين) بإمكانه تقديم نموذج في الحكم متوافق مع شروط الزمان والمكان والتطورات والمتغيرات التي شهدها العالم، بتأثير من الأفكار الحديثة للديموقراطية والحرية والتسامح؛ بل هو سعى من خلال دراسته هذه إلى تقديم نموذج مغاير لما قدمه الموقف والرأي القائل إن الأدبيات السياسية الإسلامية أدبيات كلاسيكية تقتصر على إستدعاء النص والعمل في إطاره، وهو ما يتوجّه بشكل خاص إلى مسألة رفض الآخر على قاعدة أحقية المسلم في مقابل هذا الآخر.
ينطلق المؤلف في معالجته موضوع هذه الدراسة من تحديد الهوية الإيرانية في العهد الصوفي ليكشف عن موقع الدين في هذه الهوية، لينتقل من ثم إلى درس مدى تأثير الدين كجزء من الهوية الثقافية مع الآخر المختلف دينياً، ومن إمتيازات هذه الدراسة أن المؤلف كشف من خلالها، وربما للمرة الأولى في المكتبة العربية، عن شيء من الجدالات التي كانت تدور بين الإسلام والمسيحية في إيران على المستوى اللاهوتي؛ هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية، يكشف الباحث عن التعددية الثقافية التي كانت واقعية معاشة في العصر الصفوي حيث يبين ومن خلال دراسة تحليلية عن التفاعل الشيعي المسيحي في إيران الصفوية، مبيناً أن حالة من التناقض كان تسود هذا التفاعل... تناقضاً ذاتياً وضمنياً فيه، بمعنى أنه، ومن ناحية، كان المجتمع الإيراني في نخبه السياسية والإجتماعية آنذاك يقف في كثير من الأحيان موقفاً معارضاً لحرية الرأي الآخر المختلف بأساليب عدّة، ومن ناحية أخرى يأتي بالجماعات المسيحية - كالأرمن مثلاً - فتعيش معه؛ بل تستوطن في جوار عاصمته أصفهان، مع رعاية حقوقها الدينية والثقافية الإجتماعية، علاوة على إستقباله وبترحاب البعثات التبشيرية الكاثوليكية، ورجال السياسة والإقتصاد الوافدين من الغرب!...
وإلى جانب المسيحيين المتوطنين في وسط إيران، يدعو ملوك الصوفية علماء الشيعة من جبل عامل والعراق والبحرين، ليشيّدوا أركان الدين والسلطة للحكم الصوفي، هذه الإشكالية وغيرها مما يتعلق "بالأنا" و"الآخر" قبولاً أو رفضاً، الهوية الدينية القومية والتعددية الثقافية في العصر الصفوي هي ما يحاول الباحث معالجته مسلطاً الضوء على الفترة الفاصلة بين سقوط الدولة الساسانية وقيام الدولة الصفوية منتقلاً إلى معالجة قضية الدين والسياسة في الدولة الصفوية وتماسها مع الآخر المسيحي ثم الإرساليات الكاثوليكية التي نشطت في إيان وتغلغلت في مجتمعه...
إلى ما هنالك من قضايا ثقافية وسياسية ودينية لعبت دورها في إذكاء شعلة التفاعل بين الإسلام والمسيحية في العهد الصفوي في الفترة الزمنية (1501- 1722م). إقرأ المزيد