لقد تمت الاضافة بنجاح
تعديل العربة إتمام عملية الشراء
×
كتب ورقية
كتب الكترونية
كتب صوتية
English books
أطفال وناشئة
وسائل تعليمية
متجر الهدايا
شحن مجاني
اشتراكات
بحث متقدم
نيل وفرات
حسابك لائحة الأمنيات عربة التسوق نشرة الإصدارات
0

المنطق عند الغزالي في أبعاده الأرسطوية وخصوصياته الإسلامية

(0)    التعليقات: 0 المرتبة: 39,239

المنطق عند الغزالي في أبعاده الأرسطوية وخصوصياته الإسلامية
13.50$
الكمية:
المنطق عند الغزالي في أبعاده الأرسطوية وخصوصياته الإسلامية
تاريخ النشر: 01/01/1989
الناشر: دار المشرق
النوع: ورقي غلاف عادي
نبذة نيل وفرات:طويت هذه الدراسة على خمس خلاصات، استنتج فيها جوهر موقف الغزالي المنطقي، يضاف إليها خاتمتان تاريخيتان إيفاءً للمعنى وتوضيحاً. فيكتمل بذلك التشريح والتحليل إلى جانب فعل النتاج تاريخياً، وتأثيره على محيط الإمام، وخصوصاً إبان حقبة القرنين السادس والسابع الهجريين.
الخلاصة الأولى: هضم الغزالي منطق أرسطو وتأثر به، وقد تم ذلك ...على الأرجح خلال مطالعات الإمام كتب ابن سينا، وربما الفارابي، كان ذلك خلال تلقي الغزالي العلم وتزوده منه في أوليته. وينبئنا كتاب مقاصد الفلاسفة، بأبحاثه المنطقية الثلاثة: الحد والقضية والقياس بهذا التأثر. فقد كان بمثابة صورة أو ملخص لمنطق ابن سينا والمشائية. ولم يلبث أن داخل التغيير والتحويل هذه الأبحاث الثلاثة في الكتب التي أعقبت المقاصد. فطغت المعاني الإسلامية تدريجياً على الكتب الباقية. حتى خيل للقارئ اختفاء الجانب الأرسطوي في القسطاس المستقيم. لكن هل استطاع هذا التحول في بنية الأبحاث إطراح الأرضية الأرسطورية والاستغناء عنها؟ الصحيح هو العكس. فقد بقيت البنية الأرسطورية هي الركيزة، بأبعادها المنطقية وتراتبها الاستدلالي ونسقها القياسي. وكانت بنية القياس هذه القاعدة الخفية أحياناً، والجلية طوراً، في نتاج الإمام. وسخرها لتطعيم الأصول. فأسبغ نمطها على الأقيسة الفقهية واستبدل العلة الجامعة بالأوسط الذي أطرحه.
الخلاصة الثانية: فعلت الطبيعة اللغوية والعقلية الإسلامية فعلها في توجيه أبعاد المنطق عند الإمام. فلقد تحكم عامل اللغة العربية في تصور الأسماء والحدود، إذ نشأت اللغة العربية في أرض صحراوية، ولازم شعبها، آنذاك، شظف العيش والتنقل. وانطبعت في ذهن البدوي صور الطبيعة الحسية خلال سعيه اليومي. فكان أن خرجت مفردات اللغة مشخصة مادية ترمز إلى كل مفرد محسوس، تحت وطأة التأثر في هذه البيئة. ولم يكن بالإمكان القيام بعملية التجريد الذهنية وخلق المفردات والمعاني الكلية ضمن تلك الحقبة. ويرجع بعضهم تأليف المفردات إلى الصور والأصوات الحسية التي انطبعت في ذهن العربي قديماً: مثل خر، من خرير الماء، الذي ينبعث من صوت ما، يسمعه الأعرابي، فيقترن اللفظ بالمسموع عنده، ولما تطورت اللغة العربية ونمت، ثم استقرت وترسخت بنزول القرآن، وإذ ذاك جاءت اللغة حافلة بالصور والمفردات الحسية. واعتمدت على ربط المفردين المشخصين وليس على التركيب التحليلي للجملة، كما هي الحال في اللغات الأوروبية. وإن لم يتوافر المفردان المشخصان في الجملة وتألفت من مشخص وصفة أو تابع. وضمن هذا التركيب ألف المسلمون المنطق واستوعبوه، ثم عبروا عنه انطلاقاً من منطق لغاتهم. ورغم نمو هذه اللغة، إلا أن جانبها الأكبر بقي محصوراً في مصدرها الأساسي، الذي ظهر خلال حقبة معينة.
الخلاصة الثالثة وضع الغزالي نسقاً صورياً متكاملاً، يمكن تحديده بمجموعة علاقات ودلالات معيارية حكمت أبحاثه المنطقية والأصولية. بينما لم يسع إلى تجريد أسس نقسه وإبراز صوريتها بشكل مستقل. ومرجع ذلك طبيعة الأبحاث وارتباط الشكل بالمضمون والاسم بالمعنى والصورة بالمادة اليقينية. إلا أن من يفحص عن آرائه يستخرج هذا النسق الذي خضع لمجموعة علاقات، وارتدت إلى مجموعة مسلمات أساسية: الحلال والحرام والإمكان. بحيث طبعت معظم القضايا بطابعها. مثلماً كان لعلاقة العلة حيز ثابت أساسي في النسق الصوري برمته. ولا عجب أن يتوسع الغزالي في دراسة مجال دلالات الألفاظ على ألفاظ، ودلالاتها على المعاني كي يشبع نسقه شرحاً. لأن علمي المنطق والأصول إذا كانا متكاملين شكلاً في حقيقتهما غرضاً وهدفاً واحداً ونسقاً متماسكاً. إذاً، فإن لغة المنطق ولغة الشرع هي اللغة المعيارية لنسقه الاستدلالي، وهي العربية.
ويتميز نسق الغزالي المعياري من نسق المنطق الحديث ونسق الجهات العقلية عند أرسطو في أنه يحدد ويجهز المعاني واليقين واللغة. وبهذا يحصر الروابط والعلاقات في التجريدي التام أو النشاط العقلي الحر. مثلما ترتد في أسسها إلى فعل الأمر والنهي.
الخلاصة الرابعة: اتسم منطق الغزالي بنمط الخلفية الإجرائية، والأصح الوسيلة العملية. فقد استخدم البنية السلجستية والمنطقية ليتأدى إلى غرضه الديني والأصولي. ألا وهو تنظيم النسق وتطعيمه بعلميات صورية عقلية، أكثر تحديداً وحصراً وتنظيماً للاستدلال والمعرفة الإسلاميتين. وإذا التفتنا إلى المنطق الحديث وما قدمه من دور، على صعيد أنساقه، في مجالات مناهج البحث والكشف، نرى أن تسخير المنطق العقلي لخدمة أغراض المنهج والاستدلال الإسلاميين اضطلع نسبياً بالعبء العملي ذاته. وإن كان الاختلاف بين غرضي المنطق يخضع لحاجة المجتمع وتطوره، ويتبع حقبته، ثم يضاف إلى ما تقع قيام المنهج الأصولي على علاقة براغماتية، ترغب في التعرف على من يحسن ويقبح الأحكام، ومن يحكم في صدقها وكذبها ويتقبلها أو يرفضها. إذ إن النسق الأصولي المرتبط بعلاقة وطيدة بين المشترع والمكلف، يسم المنهج الديني بالسمة البراغماتية ويعينه عليه. بحيث يتجه الدور البراغماتي نحو معرفة العلاقة بين الفرع والأصل، وكيفية الحكم الصحيح بالفرع وتكليف المكلف به استناداً إلى نجاح الحكم الفرعي بتوافقه مع الأصل والتشريع.
والبراغماتية مفهوم فلسفي حديث يركز في ما يركز على دور المنطق ومناهج البحث، فيجعل منها إجراءات تتأدى أو تنتظر الأداء. وما الصور المنطقية إلا الشروط التي لا بد للبحث أن يستوفيها. وبمعنى أكثر وضوحاً إن البراغماتيين يرفضون جعل المنطق صوراً عقلية ذات وجود مستقل عن البحث وسابق عليه، نافين بذلك فكرة الحقائق الأولية القائمة بذاتها.
الخلاصة الخامسة: تميز الغزالي من بقية علماء الأصول بإدخاله الجانب العقلي إدخالاً واسعاً في باب الاجتهاد. ويتجلى الجانب العقلي في النسق السلجستي، الذي عمل الإمام جاهداً. على ترسيخه والاعتماد عليه، كونه يمثل النسق الصارم الذي يمنع انفلات الحدود وعدم ترابطها. وقد اكتمل جهده المنطقي، وتحويله السلجستي نحو الأغراض الإسلامية، بعد وضع النسق في موطن الأصول، وجعل العلة الجامع المشترك، وترتيب الأصل والفرع في مقدمتين. ولسنا في حاجة إلى تكرار ما سبق ذكره من استفادت الغزالي المنطقية، واعتماده الأبعاد العقلية في الحدود والأقيسة. إلا أن هذه البراعة في دمج ذهنيتين مختلفتين ولغتين متباينتين تمت، على الأرجح، في انطباع البنية القياسية اليونانية بالسمات الإسلامية. فاستوعبت التصورية العقلية بالإسمية الإيمانية، في إطار حلقة الكسب التي وطدها الغزالي. وكان ذلك حين وقف الفلاسفة المسلمون أمام الماهيات والحدود الكلية والجناس العليا والتصديقات العقلية. فقابلوها بالمعاني الجاهزة وطرق الاستنباط وتصور العالم على أنه شاهد على الله، العلة والكل والماهية الوحيدة. وما كان منهم إلا أن حلوا المسألة بالتوفيق والمزج. لكن منهج الإمام ومنطقه، ولا سيما في المستصفي، يختلف تماماً بحيث يظهر متماسكاً، وأبعد من التوفيق والمزج. ونرجح أن مرد ذلك عملية التطويع والتحوير المنطقية، وتحويل العلاقات الصورية إلى أدوات وسيلة للمعاني الإسلامية، انطلاقاً من توسيع دائرة الكسب المعرفية.
وخلاصة الرأي أن منطق الغزالي كان محاولة فريدة، متقدمة في الأبحاث الإسلامية. قفزت في عصرها قفزة منهجية مختلفة عن التجارب المنطقية الباقية. يضاف إليها أعمال البغدادي والرازي، قريبي العهد من الإمام. لكن روح التزمت والتقيد لم تتح لهم تاريخياً النمو والازدهار والتطور. فقد أغلقتها الحرفية والإسمية على السواء. فسقطت دعوى الغزالي من بعده، ولم تبلغ شأو ما رسم لها وعلق عليها من آمال. وانهارت معها محاولات الدقة العقلية والضبط المعياري المنطقي.
وبعد، فهل تعدو مقارنة المعطيات المنطقية بالمفاهيم الحديثة غير الإشارة إلى الملعونة والتقويم. ومن ثم تبيان مزالق المنطق المعياري، الذي تخطته المعرفة المعاصرة، على اختلاف حقائقها القائمة، نسبة إلى عصر الإمام. وعندها فقط، تمثلنا صنيع الغزالي وبراعته وعمله الريادي المبدع، في صفته الموصوفة وحليته المعروفة.
نبذة الناشر:إنّ المنطق الأرسطويّ صورة صادقة عن الفلسفة والعلم اليونانيين، صدر عن العقليّة اليونانيّة وحمل سماتها، وتميّز بميزتها، وخصوصا في نظرتها إلى الوجود والمعرفة، بمجموعة الإنباءات والتّصورات الفكريّة المتّسقة المستقلة. مثلما تتّسم العقليّة الإسلاميّة بنمط تفكيرها أيضا، وصورة لغتها وإنباءاتها الفكريّة والإيمانيّة. لقد كان المنطق لدى الغزالي أصيلا نابعا من أبعاد الخصوصيّة الذّاتيّة الفلسفيّة، وفي الوقت نفسه معيارا وأداة في نتائجه تجعل المعرفة الإسلاميّة منضبطة محدّدة من دون شطط في الإجتهاد والقياس. وتتطلّب عمليّة إنفكاك الحاضر من قيود الماضي لبناء مشروعيّة المستقبل وعيا لكثير من عناصر مكوّنات الذّهنيّة العربيّة الإسلاميّة. وللإحاطة بالموضوع عمد المؤلّف إلى عرض دراسته في قسمين : الأوّل استعرض فيه الحدّ والقضيّة والقياس في كتب الغزالي المنطقيّة. والثّاني تطرّق فيه لدراسة خلفيّات الغزالي المنطقيّة.

إقرأ المزيد
المنطق عند الغزالي في أبعاده الأرسطوية وخصوصياته الإسلامية
المنطق عند الغزالي في أبعاده الأرسطوية وخصوصياته الإسلامية
(0)    التعليقات: 0 المرتبة: 39,239

تاريخ النشر: 01/01/1989
الناشر: دار المشرق
النوع: ورقي غلاف عادي
نبذة نيل وفرات:طويت هذه الدراسة على خمس خلاصات، استنتج فيها جوهر موقف الغزالي المنطقي، يضاف إليها خاتمتان تاريخيتان إيفاءً للمعنى وتوضيحاً. فيكتمل بذلك التشريح والتحليل إلى جانب فعل النتاج تاريخياً، وتأثيره على محيط الإمام، وخصوصاً إبان حقبة القرنين السادس والسابع الهجريين.
الخلاصة الأولى: هضم الغزالي منطق أرسطو وتأثر به، وقد تم ذلك ...على الأرجح خلال مطالعات الإمام كتب ابن سينا، وربما الفارابي، كان ذلك خلال تلقي الغزالي العلم وتزوده منه في أوليته. وينبئنا كتاب مقاصد الفلاسفة، بأبحاثه المنطقية الثلاثة: الحد والقضية والقياس بهذا التأثر. فقد كان بمثابة صورة أو ملخص لمنطق ابن سينا والمشائية. ولم يلبث أن داخل التغيير والتحويل هذه الأبحاث الثلاثة في الكتب التي أعقبت المقاصد. فطغت المعاني الإسلامية تدريجياً على الكتب الباقية. حتى خيل للقارئ اختفاء الجانب الأرسطوي في القسطاس المستقيم. لكن هل استطاع هذا التحول في بنية الأبحاث إطراح الأرضية الأرسطورية والاستغناء عنها؟ الصحيح هو العكس. فقد بقيت البنية الأرسطورية هي الركيزة، بأبعادها المنطقية وتراتبها الاستدلالي ونسقها القياسي. وكانت بنية القياس هذه القاعدة الخفية أحياناً، والجلية طوراً، في نتاج الإمام. وسخرها لتطعيم الأصول. فأسبغ نمطها على الأقيسة الفقهية واستبدل العلة الجامعة بالأوسط الذي أطرحه.
الخلاصة الثانية: فعلت الطبيعة اللغوية والعقلية الإسلامية فعلها في توجيه أبعاد المنطق عند الإمام. فلقد تحكم عامل اللغة العربية في تصور الأسماء والحدود، إذ نشأت اللغة العربية في أرض صحراوية، ولازم شعبها، آنذاك، شظف العيش والتنقل. وانطبعت في ذهن البدوي صور الطبيعة الحسية خلال سعيه اليومي. فكان أن خرجت مفردات اللغة مشخصة مادية ترمز إلى كل مفرد محسوس، تحت وطأة التأثر في هذه البيئة. ولم يكن بالإمكان القيام بعملية التجريد الذهنية وخلق المفردات والمعاني الكلية ضمن تلك الحقبة. ويرجع بعضهم تأليف المفردات إلى الصور والأصوات الحسية التي انطبعت في ذهن العربي قديماً: مثل خر، من خرير الماء، الذي ينبعث من صوت ما، يسمعه الأعرابي، فيقترن اللفظ بالمسموع عنده، ولما تطورت اللغة العربية ونمت، ثم استقرت وترسخت بنزول القرآن، وإذ ذاك جاءت اللغة حافلة بالصور والمفردات الحسية. واعتمدت على ربط المفردين المشخصين وليس على التركيب التحليلي للجملة، كما هي الحال في اللغات الأوروبية. وإن لم يتوافر المفردان المشخصان في الجملة وتألفت من مشخص وصفة أو تابع. وضمن هذا التركيب ألف المسلمون المنطق واستوعبوه، ثم عبروا عنه انطلاقاً من منطق لغاتهم. ورغم نمو هذه اللغة، إلا أن جانبها الأكبر بقي محصوراً في مصدرها الأساسي، الذي ظهر خلال حقبة معينة.
الخلاصة الثالثة وضع الغزالي نسقاً صورياً متكاملاً، يمكن تحديده بمجموعة علاقات ودلالات معيارية حكمت أبحاثه المنطقية والأصولية. بينما لم يسع إلى تجريد أسس نقسه وإبراز صوريتها بشكل مستقل. ومرجع ذلك طبيعة الأبحاث وارتباط الشكل بالمضمون والاسم بالمعنى والصورة بالمادة اليقينية. إلا أن من يفحص عن آرائه يستخرج هذا النسق الذي خضع لمجموعة علاقات، وارتدت إلى مجموعة مسلمات أساسية: الحلال والحرام والإمكان. بحيث طبعت معظم القضايا بطابعها. مثلماً كان لعلاقة العلة حيز ثابت أساسي في النسق الصوري برمته. ولا عجب أن يتوسع الغزالي في دراسة مجال دلالات الألفاظ على ألفاظ، ودلالاتها على المعاني كي يشبع نسقه شرحاً. لأن علمي المنطق والأصول إذا كانا متكاملين شكلاً في حقيقتهما غرضاً وهدفاً واحداً ونسقاً متماسكاً. إذاً، فإن لغة المنطق ولغة الشرع هي اللغة المعيارية لنسقه الاستدلالي، وهي العربية.
ويتميز نسق الغزالي المعياري من نسق المنطق الحديث ونسق الجهات العقلية عند أرسطو في أنه يحدد ويجهز المعاني واليقين واللغة. وبهذا يحصر الروابط والعلاقات في التجريدي التام أو النشاط العقلي الحر. مثلما ترتد في أسسها إلى فعل الأمر والنهي.
الخلاصة الرابعة: اتسم منطق الغزالي بنمط الخلفية الإجرائية، والأصح الوسيلة العملية. فقد استخدم البنية السلجستية والمنطقية ليتأدى إلى غرضه الديني والأصولي. ألا وهو تنظيم النسق وتطعيمه بعلميات صورية عقلية، أكثر تحديداً وحصراً وتنظيماً للاستدلال والمعرفة الإسلاميتين. وإذا التفتنا إلى المنطق الحديث وما قدمه من دور، على صعيد أنساقه، في مجالات مناهج البحث والكشف، نرى أن تسخير المنطق العقلي لخدمة أغراض المنهج والاستدلال الإسلاميين اضطلع نسبياً بالعبء العملي ذاته. وإن كان الاختلاف بين غرضي المنطق يخضع لحاجة المجتمع وتطوره، ويتبع حقبته، ثم يضاف إلى ما تقع قيام المنهج الأصولي على علاقة براغماتية، ترغب في التعرف على من يحسن ويقبح الأحكام، ومن يحكم في صدقها وكذبها ويتقبلها أو يرفضها. إذ إن النسق الأصولي المرتبط بعلاقة وطيدة بين المشترع والمكلف، يسم المنهج الديني بالسمة البراغماتية ويعينه عليه. بحيث يتجه الدور البراغماتي نحو معرفة العلاقة بين الفرع والأصل، وكيفية الحكم الصحيح بالفرع وتكليف المكلف به استناداً إلى نجاح الحكم الفرعي بتوافقه مع الأصل والتشريع.
والبراغماتية مفهوم فلسفي حديث يركز في ما يركز على دور المنطق ومناهج البحث، فيجعل منها إجراءات تتأدى أو تنتظر الأداء. وما الصور المنطقية إلا الشروط التي لا بد للبحث أن يستوفيها. وبمعنى أكثر وضوحاً إن البراغماتيين يرفضون جعل المنطق صوراً عقلية ذات وجود مستقل عن البحث وسابق عليه، نافين بذلك فكرة الحقائق الأولية القائمة بذاتها.
الخلاصة الخامسة: تميز الغزالي من بقية علماء الأصول بإدخاله الجانب العقلي إدخالاً واسعاً في باب الاجتهاد. ويتجلى الجانب العقلي في النسق السلجستي، الذي عمل الإمام جاهداً. على ترسيخه والاعتماد عليه، كونه يمثل النسق الصارم الذي يمنع انفلات الحدود وعدم ترابطها. وقد اكتمل جهده المنطقي، وتحويله السلجستي نحو الأغراض الإسلامية، بعد وضع النسق في موطن الأصول، وجعل العلة الجامع المشترك، وترتيب الأصل والفرع في مقدمتين. ولسنا في حاجة إلى تكرار ما سبق ذكره من استفادت الغزالي المنطقية، واعتماده الأبعاد العقلية في الحدود والأقيسة. إلا أن هذه البراعة في دمج ذهنيتين مختلفتين ولغتين متباينتين تمت، على الأرجح، في انطباع البنية القياسية اليونانية بالسمات الإسلامية. فاستوعبت التصورية العقلية بالإسمية الإيمانية، في إطار حلقة الكسب التي وطدها الغزالي. وكان ذلك حين وقف الفلاسفة المسلمون أمام الماهيات والحدود الكلية والجناس العليا والتصديقات العقلية. فقابلوها بالمعاني الجاهزة وطرق الاستنباط وتصور العالم على أنه شاهد على الله، العلة والكل والماهية الوحيدة. وما كان منهم إلا أن حلوا المسألة بالتوفيق والمزج. لكن منهج الإمام ومنطقه، ولا سيما في المستصفي، يختلف تماماً بحيث يظهر متماسكاً، وأبعد من التوفيق والمزج. ونرجح أن مرد ذلك عملية التطويع والتحوير المنطقية، وتحويل العلاقات الصورية إلى أدوات وسيلة للمعاني الإسلامية، انطلاقاً من توسيع دائرة الكسب المعرفية.
وخلاصة الرأي أن منطق الغزالي كان محاولة فريدة، متقدمة في الأبحاث الإسلامية. قفزت في عصرها قفزة منهجية مختلفة عن التجارب المنطقية الباقية. يضاف إليها أعمال البغدادي والرازي، قريبي العهد من الإمام. لكن روح التزمت والتقيد لم تتح لهم تاريخياً النمو والازدهار والتطور. فقد أغلقتها الحرفية والإسمية على السواء. فسقطت دعوى الغزالي من بعده، ولم تبلغ شأو ما رسم لها وعلق عليها من آمال. وانهارت معها محاولات الدقة العقلية والضبط المعياري المنطقي.
وبعد، فهل تعدو مقارنة المعطيات المنطقية بالمفاهيم الحديثة غير الإشارة إلى الملعونة والتقويم. ومن ثم تبيان مزالق المنطق المعياري، الذي تخطته المعرفة المعاصرة، على اختلاف حقائقها القائمة، نسبة إلى عصر الإمام. وعندها فقط، تمثلنا صنيع الغزالي وبراعته وعمله الريادي المبدع، في صفته الموصوفة وحليته المعروفة.
نبذة الناشر:إنّ المنطق الأرسطويّ صورة صادقة عن الفلسفة والعلم اليونانيين، صدر عن العقليّة اليونانيّة وحمل سماتها، وتميّز بميزتها، وخصوصا في نظرتها إلى الوجود والمعرفة، بمجموعة الإنباءات والتّصورات الفكريّة المتّسقة المستقلة. مثلما تتّسم العقليّة الإسلاميّة بنمط تفكيرها أيضا، وصورة لغتها وإنباءاتها الفكريّة والإيمانيّة. لقد كان المنطق لدى الغزالي أصيلا نابعا من أبعاد الخصوصيّة الذّاتيّة الفلسفيّة، وفي الوقت نفسه معيارا وأداة في نتائجه تجعل المعرفة الإسلاميّة منضبطة محدّدة من دون شطط في الإجتهاد والقياس. وتتطلّب عمليّة إنفكاك الحاضر من قيود الماضي لبناء مشروعيّة المستقبل وعيا لكثير من عناصر مكوّنات الذّهنيّة العربيّة الإسلاميّة. وللإحاطة بالموضوع عمد المؤلّف إلى عرض دراسته في قسمين : الأوّل استعرض فيه الحدّ والقضيّة والقياس في كتب الغزالي المنطقيّة. والثّاني تطرّق فيه لدراسة خلفيّات الغزالي المنطقيّة.

إقرأ المزيد
13.50$
الكمية:
المنطق عند الغزالي في أبعاده الأرسطوية وخصوصياته الإسلامية

  • الزبائن الذين اشتروا هذا البند اشتروا أيضاً
  • الزبائن الذين شاهدوا هذا البند شاهدوا أيضاً

معلومات إضافية عن الكتاب

لغة: عربي
طبعة: 1
حجم: 24×17
عدد الصفحات: 260
مجلدات: 1
يحتوي على: جداول

أبرز التعليقات
أكتب تعليقاتك وشارك أراءك مع الأخرين