تاريخ النشر: 01/01/2022
الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:الفتوى لغة هي الإجابة عن سؤال، ثم خصّت الكلمة للإجابة عن سؤال شرعيّ أي هي في إصلاح اليوم: "الجواب عن مسألة دينية"، وإنما وقع الإختيار على لفظ الدينية "دون الشرعية" لأن المفتي لا يجيب عن الأحكام الشرعية العملية فحسب؛ بل ربما يجيب عن مسائل دينية إعتقادية، وعن معنى الأحاديث، ...وكيفية إسنادها، وما إلى ذلك من المسائل التي تتعلق بالدين وعلومه.
وتقسم كلمة الفتوى والإفتاء إلى ثلاثة أقسام: الفتوى التشريحية، والفتوى الفقهية، والفتوى الجزائية، أما الفتوى التشريعية، فهي التي صدرت من الشارع، إما بِوَحْيّ متلوٍّ في القرآن الكريم، أو بوحْي غير متلوٍ في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، في الجواب عن سؤال، أو لبيان نازلة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت شرعاً عاماً.
وذلك مثل قوله تعالى (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن)... وقوله تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج). ومثال الفتوى التشرعية الصادرة من الرسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري وغيره: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أمرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنّ أمي نذرت أن تحجّ، فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجّي عنها"، وهذا النوع من الفتوى انقطع بإنقطاع الوحي على خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما الفتوى الفقهية فهي المراد بها ما يبوح بها فقيه من الفقهاء، لا كجواب عن سؤال في حادثة مخصوصة، وإنما عند تفريعه للفروع، أو في جواب سؤالٍ عام من غير علاقته بجزئية معينة، وهذا شأن الفقيه الذي يدوّن مسائل الفقه، فيتصور جزئيات لم يُسأل عنها، ولكنه يستنبط حكمها بالأدلة الشرعية، وبينة في كتابٍ أو رسالةٍ، أو في جواب سؤال عامٍّ، أو سؤالٍ نشأ عن إفتراض، مثل: أن يُسأَل: (ما هو الحكم فيمن قال لامرأته: سرّحتك؟) دون أن يُحال السؤال إلى واقعة معينة.
وأما الفتوى الجزئية فهي الجواب عن السؤال في واقعة معينة بتنزيل الفقه الكليّ على الموضع الجزئي، مثل: أن يُسأل رجل معين ترك والديه وزوجة وابناً وبنتاً، فكيف نقسم تركته بين ورثته؛ هذا وإن أكثر ما يطلق لفظ الإفتاء على هذا النوع، وإن كان يُطلق على الفتوى الفقهية أيضاً.
وإلى هذا، فقد كان السلف يتهيبون الفتيا، ويقول الإمام النووي في الإفتاء والفتيا: "اعلم أنّ الإفتاء عظيم الخطر، قدير الموقع، كثير الفضل، لأن المفتي وارث الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، وقائم بفرض الكفاية، ولكنه معرّض للخطر، ولهذا قالوا: المفتي مَوقّعٌ عن الله سبحانه وتعالى.
من هنا، وجب على المفتي الشعور بخطورة منصب الإفتاء، وأنه ليس إبداءً للآراء الشخصية، أو تحكيماً للعقل المجرد، أو تفعيلاً للعواطف النفسية، وإنما هو تبين لما شرع الله تعالى لعباده من شرائع وأحكام لحياتهم الفردية والإجتماعية التي تضمن لهم السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة؛ وكفى لخطورة هذا المنصب ومهابته أنه نيابة عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في بيان تلك الأحكام، وتوقيع عن ربّ السماوات والأرض ورب العالمين... كما سمّاه الإمامان النووي وابن القيم.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يضم مباحث في معرفة حقيقة الفتوى، وتاريخها، وشروطها وآدابها، وقد تم ترتيب هذه المباحث ضمن فصول سبعة، جاء مواضيعها على الشكل التالي تباعاً: 1-الفتوى وخطورتها (الفتوى في اللغة وإصطلاحاً، أقسام الفتوى، الفرق بين الإفتاء والفضاء، تهيب السلف للفتيا)، 2-مناهج الفتوى في عهد السلف (الفتوى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، منهج الصحابة والتابعين في الإفتاء، الفتوى في عهد الصحابة، الفتوى في عهد التابعين... ظهور المذاهب الفقهية، مسألة التقليد والمتمذهب)، 3-طبقات الفقهاء (طبقات وسائل فقهاء الحنفية، الشافعية)، 4-تلخيص قواعد رسم المفتي على مذهب الحنفية (شروط المفتي... الترجيح الصريح والترجيح الإلزامي... شروط الإفتاء بالروايات الضعيفة...)، 5-الإفتاء بمذهب آخر، 6-تغير الأحكام بتغير الزمان (تغير الحكم بتغير: العلة، العرف، تغير الأحكام: بالضرورة والحاجة، ولسدّ الذرائع)، 7-أحكام الإفتاء ومنهجه (متى يجب الإفتاء؟ ومتى يحرم أو حكم الإمتناع من الفتوى، الرجوع عن الفتوى وأحكام نقضها، آداب الإفتاء وكتابة الفتوى، والمفتي في نفسه). إقرأ المزيد