حكايات من بلاد الكابتن كوك
(0)    
المرتبة: 103,928
تاريخ النشر: 25/11/2014
الناشر: دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:"منذ ان وطئت قدماي استراليا إلى أن غادرتها وأنا أُسأل من قبل الإستراليين لماذا قدمت إلى استراليا؟ بالطبع يريدون مني أن أقدم لهم جواباً يثني عليهم وعلى بلادهم، ولكن الحقيقة ليست كذلك!.
كان لدي العديد من الخيارات، ولا أدري حتى هذه اللحظة لِمَ اخترت استراليا بالذات للدراسة، مع العلم أني ...لم أكن أعلم عنها الكثير، كان من المفترض أن أذهب إلى ملبورن، والطريف أن مكتب قبول سألني: هل تحب المطر والجو البارد؟ قلت: هل هناك سعودي لا يحب المطر والبرد؟ فقيل سوف تُرسل إلى ملبورن، أما صديقي فقد اختار مدينة سدني، لكن حدث خطأ، فأرسلت إلى سدني وأرسل هو إلى ملبورن!... ليقضي الله أمراً كان مفعولاً!...
كلما تذكرت الطريقة التي اخترت بها استراليا كبلد للدراسة، ظهر لي كم كنت ساذجاً، الوضعية التي يعيشها الواحد منا إجتماعياً، وظيفياً، معرفياً، وروحياً... هي مجموعة خيارات سابقة، لذلك كن حذراً عندما تتخذ أي قرار، ليس كل بلد مثل الآخر، ولا كل تخصص مثل بقية التخصصات؛ ارتكاب بعض الأخطاء في مقتبل العمر، قد يكلف الواحد منا سنوات كثيرة من عمره (المحدود أصلاً) لإصلاحها.
بعد مضي أشهر في سدني، تعرفت بالصدفة على مدرب سباحة إسترالي، يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً، سألني: من أين قدمت؟ قلت: من السعودية، قال: وما هي السعودية؟! حاولت جاهداً أن أبين له موقع السعودية وما تمثله من ثقل، سألته: هل تعرف الإسلام؟ العرب؟ مكة؟ أسامة بن لادن؟ فقال: لا! قلت: ما أكثر دولة تنتج النفط؟ فقال: وما يدريني؟ ذكرت له التمر والصحراء والجمال، فقال: أعرف هذه بالطبع، لكن لا أعرف ما علاقة هذه بالسعودية؟ فهذه الدولة لم أسمع بها من قبل.
لمّا لاحظت أنه (يستعبط) قلت له ما معناه: بعد أن أظهرت البرود، ليست كل الدول شهيرة، على سبيل المثال، عرفت حيوان الكنفر قبل أن أعرف أن هناك دولة اسمها استراليا، لما غادرنا جاكرتا إلى سدني، ركبنا طائرة عائدة للخطوط الأسترالية، لفت نظري أن معظم الركاب سحنتهم آسيوية حتى أني خشيت أن أكون قد أخطأت في الطائرة، جلست بجانب النافذة ولم يجلس أحد بجاني، لذلك شعرت براحة كبيرة إذ تذكرت من جلس بجانبي على الخطوط السعودية على مشارف سدني.
عبرت الطائرة فوق أماكن جميلة من غابات وشواطئ، ولما وصلنا كان هناك مطر خفيف تفاءلت به خيراً، يعطى القادم لأستراليا بطاقة يكتب فيها عنوانه في أستراليا وسبب قدومه، وهل لديه مواد في حقيبته غير الملابس قيل: نقود، سجائر، أطعمة، لأن إدخال هذه المواد ممنوع، كتبت معلومات بحبر أخضر، لما وصلت لموظف المطار، قال لي: ألم تقرأ أن عليك إستخدام الحبر الأسود أو الأزرق؟ قلت: أوه، آسف، لم أنتبه، قال: ارجع، وابحث عن قلم أزرق أو أسود واكتب به معلوماتك من جديد!... كلفتني هذه الغلطة ساعة أو أكثر من الإنتظار...
وهكذا يحاول ابن بطوطة المعاصر أن يشارك القارئ حكاية رحلته إلى استراليا، حيث كتب في مدوّنته هذه سرداً هو عبارة عن حلقات كتبها طيلة ثلاث سنوات وهي مدة إقامته في سدني حيث سجل فيها ما رآه ملفتاً للنظر، أو باعثاً على إبتسامة، لذلك تراوحت حكاياته بين الجدّ والهزل والشخصي والموضوعي.
وقد حرص على أن تكون الحكايات خالية من التعقيد، فتجنب في تدوينها الإكثار من الأرقام والمعلومات؛ لأن ذلك يثقل على القارئ، فعمله هذا ليس المقصود منه تقديم بحث أكاديمي؛ وإنما المقصود منه إمتاع القارئ بما يذكره من مواقف ويسرده من أحداث؛ ويمكن ا لقول بأن لأدب الرحلات فوائد جمة، حيث يقدم للقارئ معلومات حول البلد الذي يتم النزول فيه وعن عادات أهله وتقاليدهم وعن أشياء أخرى كثيرة، تثير الدهشة أحياناً وتزرع البسمات أحياناً أخرى، وتثير الشجن في بعض الأحيان... هذا ما حاوله صاحب هذه الحكايات من خلال تدوينه لحكايات جرت معه في بلاد الكابتن كوك. إقرأ المزيد