تاريخ النشر: 17/12/2013
الناشر: دار الحوار للنشر والتوزيع
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:في اللحظة التي تشكل فيها نظرية تكون قد حولت الحياة إلى موت وأنزلت مستوى الحياة إلى موت؛ في اللحظة التي تحاول فيها تحليل أمر ما - والتحليل يعني التفسير والتشريح - فإنك تدمر وحدته العضوية.
فعندما ترى زهرة، تكون الزهرة موجودة بكل جمالها وبدون تفسير، لأنها غير قابلة للتفسير، وهي ...موجودة لتكون محبوبة وليتم الإحتفال بها، بإمكانك الجلوس معها بصمت أو الرقص حولها بحيث يتشكل لديك فرحة وتبصر عظيمان، لكن عقلك يحتاج للتوضيح فيتساءل: "ما معنى تلك الزهرة؟" ليس هناك من معنى، إنها تتجاوز المعنى، أنت تريد تفسيراً لسبب وجودها والهدف منه، وبهذا تفقدها حقيقتها، أنت تنغمس بذلك العقل القادم من الماضي، وربما تقارنها بالأزهار الأخرى التي عرفتها وربما تحللها أو تدخل حقيقتها من خلال المنطق، وعندها تكون قد فهمتها، تكون قد فهمت كيميائيتها وليس شاعريتها، عندما تكوّن بعض التفسيرات عنها تكون قد اختفت ولم يعد هناك من زهرة، لديك بعض الكيمياء بين يديك لكنها ليست زهرة، ربما أصبح لديك مكوناتها وليس وحدتها العضوية، فالزهرة ليست مجموع أجزائها، أنها أكثر من مجموع أجزاء.
هذا ما قصدته بشاعريتها، عندما يكون شيء ما أكثر من مجموع أجزائه فإنه يصبح شعراً، ليس بإستطاعتك أن تدنّي الكلي إلى مستوى أجزائه، لأن في الكلّ شيئاً لا يمكن للإجزاء أن تحتويه، يحتوي هذا الكلّ على الوحدة العضوية فليس بإستطاعتك أن تحوله إلى نظرية وليس بإستطاعتك أن تكتب مقالة علمية عنه؛ فهو يتجاوز الإستيعاب، إنه مراوغ كلما لاحقته أكثر فقدته أكثر.
عليك أن تستمتع به لتعرف حقيقته، عليك أن تحبه لتعرف حقيقة... الحب لا يقدم أية تفسيرات بل يقدم التبصر والحس العظيمين، يقدم رؤية رائعة من دون تفسيرات وليس بإمكانك أن تخلق منه مبدأ أو عقيدة دينية، ينتمي المستقبل إلى أولئك الذين لديهم الحس الشعري القلبي، فالماضي كان منطقياً أكثر مما يجب، حتى أولئك المتدينون المزعومون ليسوا إلا منطقيين ينسجون ويحيكون منطقهم بزيّ اللاهوت، كانوا يخلقوا الفلسفة باسم الله، حيث كانت الفلسفة أعلى أشكال التدين في الماضي، وكانت المعتقدات الخرافية أدناها، لكن كليهما زائف والإنسان بحاجة إلى شاعرية الدين؛ إلى التصوف...
تلك هي رؤية كبير لما هو أعظم... للدين، وهو حامل البشارة... لأنه المبشر بالمستقبل وأول الأزهار المبشرة بقدوم الربيع... ربيع الإنسان، إنه واحد من أعظم شعراء الدين لكنه ليس لاهوتياً، ولا ينتمي إلى أي دين، لقد كان رحباً بما يكفي لإحتواء الجميع، وليس هناك من دين خاص يستطيع تحديده، فهو مسلم ومسيحي وهندوسي وجايني وبوذي...
إنه جمال عظيم وشعر عظيم، أنه أوركسترا، كان الرجل أمياً تماماً ويعمل حائفاً، وهو يعتبر في الهند شخصاً نادراً لأنه رجل فقير؛ وتلك هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعتراف برجل فقير على رجل الله، وتعتبر حالة (كبير) هي الحالة الأولى في الشرق والتي يأتي فيها رجل فقير ليوضح جماليات الألوهة، سيكون للمستقبل تركيبة من نوع جديد حيث سيلتقي العلم والدين، ويندمجان أحدهما بالآخر، وعندها لن يكون الإنسان معقداً ولا أعمى.
سوف تعطيك مقاربة (كبير) العديد من اللمحات حول المستقبل، وأي نوع من الدين سيكون ممكناً، ربما يصدمك في بعض المرات، وربما يكون مزعجاً مرات أخرى، لكن عليك أن تتذكر أن كل نضج يكون مؤلماً وسوف تنضج مع أفكار (كبير) وفلسفته بشكل عظيم!... وهو لا يعطي أجوبة على أسئلة مريديه. أنه يقول: ادخل الحياة وكن جزءاً منها، اجعل نبضك يتوافق مع إيقاعها، وعندها سوف تعرف.
وبالرغم من عدم قدرتك على نقل معرفتك عبر الكلمات إلى شخص آخر لأن الحقيقة غير قابلة للإنتقال، فإنك ستصبح حقيقة وتكون الضوء في ليل الحياة المظلم، ستصبح ممراً في وغل الحياة هذا وسيحظى العديد من الأشخاص بالبصيرة في حضورك، ستكون عاملاً حاضراً بدون أن يكون بمقدورك إعطاء أجوبة جاهزة... (كبير) هو شخص محتفل.
إنه يحتفل بكل شيء، يحتفل بكل ألوان الحياة وألوان قوس قزح الموجودة فيها، وما سيقوله لك ليس بفلسفة، بل هو شعر صافٍ ليس ديناً بل إيماءة يد وباب موارب ومرآة نظيفة؛ إنه طريق العودة إلى الوطن... طريق العودة إلى الطبيعة، فالطبيعة هي الله بالنسبة (الكبير) هي الأشجار والصخور والأنهار والجبال.
إن الأشياء الذي سيقولها (كبير) من هذا الكتاب من دروس وأسئلة وأجوبة إنما يقولها لتساعده على أن يصبح متأملاً، ولا داعٍ للقلق، دع شيئاً واحداً يبقى في أعمق نقطة من قلبك: عليك أن تزهر لتصبح متأملاً وكل شيء سوف يتبع ذلك... إقرأ المزيد