القانون ابن الحياة ؛ جدلية الربط بين التشريع والقانون والحياة
(0)    
المرتبة: 86,645
تاريخ النشر: 01/07/2013
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:لم يكن التشريع وليد عصر معين، كما يرى بعض رجال الفقه والتشريع والقانون، فلم يكن قانون الألواح الأثني عشر الذي صدر سنة 449 ق.م. في روما، أو قانون حمرواي ملك بابل سنة (527- 565) في روما، أو قانون نابليون الذي وضعه سنة 1810م في فرنسا.
وإنما ظهر التشريع في المجتمع ...الإنساني منذ العصور البدائية التي تأثرت بها الأديان المحلية وكانت الإجراءات العقابية في أكثر المجتمعات ذات طابع ديني ما أدى إلى تسمية تلك العصور بعصر (الكهنة) كما نجد ذلك في مصر الفرعونية حيث كان الفراعنة يعتقدون بأن الإنسان بعد موته يقدم أمام الإله (أزوريس) آله الموتى للمحاكمة عن أعماله كافة في الحياة الدنيا.
ولما كان للتشريع أثر كبير في تكوين النهضة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، ظلت المجتمعات باقية على حالها يسودها الإنتقام الفردي وعدم المساواة وسيادة طبقة الإشراف على العامة، والسبب في ذلك يعود إلى أن الحركة التشريعية لم ترافقها نهضة إقتصادية أو إجتماعية مما أدى إلى تأخر البناء الإجتماعي وعدم إستقرار القواعد القانونية، ذلك أن التشريع يتطور بتطور الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية وعلى ذلك فهو، وبعبارة أخرى ابن الحياة.
والمقصود بتطور التشريع وتقنين القوانين تأثرهما بالإتجاهات التشريعية والأفكار القانونية والنظريات الفقهية الجديدة، هذا ولما كان التشريع هو الأساس في تقنين القوانين فهذا يعني أنه يهتم بحياة الإنسان وينظمها نحو مستقبل يهمه ويهم حياة الآخرين على إعتبار أن القانون ابن الحياة، ويهتم بإتاحة فرصة العيش في هدوء يحميها القانون ويوجهها نحو مستقبل أفضل، لأن القانون يهتم بوضع القواعد والأسس التي تنظم الحياة الإجتماعية ويوجه المجتمع للوصول إلى أهداف إجتماعية وإقتصادية وسياسية تدخل في بناء الإنسان ليحتل مكانة في بناء المجتمع ومؤسساته.
ومع كل هذه الأساليب التشريعية تدخلت الرؤى المختلفة مما أدى إلى إضطراب الحياة العامة والخاصة بحيث امتد هذا الإضطراب إلى أوروبا فقامت ثورة الشعب في فرنسا سنة 1789 وانتشرت آراء وأفكار رجال السياسة ومبادئ حقوق الإنسان في الحرية والديموقراطية والعدالة الإجتماعية، وبعد أن سيطر نابليون على الحكم في فرنسا شعر بأهمية التشريع فوضع قانوناً لتنظيم السلطة القضائية في 1810/4/20.
ومنذ ذلك التاريخ اهتم رجال الفكر القانوني، ومنهم رجال مصر من المفكرين الذين تأثروا بالتشريعات الفرنسية ما أدى إلى ظهور مبادئ حقوق الإنسان والديموقراطية والإشتراكية، وأدى إلى حدوث تغيير في العلاقات الإجتماعية والحياة الفكرية والإقتصادية وبناء الإنسان الجديد، وقد كان لهذه التغييرات أثر كبير في تطور الحياة القانونية والأنظمة السياسية التي سارت عليها الدول المختلفة.
وأن الأمة العربية كغيرها من الأمم تأثرت بذلك التطور فولدت فيها التشريعات والقوانين متأثرة بما ولدت من تشريعات وقوانين في العصر الفرعوني والأغريقي والروماني والإسلامي؛ إلا أن الأمة العربية والأمم الأخرى لم تحصر تشريعاتها وتطورها في القوانين التي تم ذكرها، لأن التشريع، كما قلت، ليس وليد عصر معين وإنما هو ابن مرحلة متأثراً بالظروف الإجتماعية والسياسية والإقتصادية التي تمر بها المجتمعات.
من هنا، تأتي هذه الدراسة القانونية التي تتناول الباحث من خلالها عملية التشريع والتقنين في ضوء مقولة القانون ابن الحياة وعلاقته بجدلية الربط بين التشريع والقانون والحياة. إقرأ المزيد