تاريخ النشر: 01/01/2013
الناشر: دار الحامد للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:يتطرّق الكتاب إلى جملة من القضايا المعنويّة من زوايا نظر فكرية فلسفية وسيميائية لسانية قضايا أثيرت ومازالت تثار لاستعصاء وضع حدود بيّنة لها. والكتاب بما فيه من جدّيّة في الطرح والاستقصاء والبحث حاول بدوره الإجابة عن سؤال: ما المعنى؟ ما علاقته بالجهاز اللغويّ وما يستتبعه من قضايا الإحالة والتعيين والمرجع ...وكيفية تصوّر الدلالة؟
لا شكّ أنّ الإنسان كائن لغويّ يفكّر باللغة ويختزل وجوده فيها، ولا شيء له معنى يمكن إدراكه وفهم جوهره خارج حدودها، لا لسبب إلا لأنّ الأشكال الرمزية للدلالة لا تتحقّق إلا بأشكال الأبنية الرمزية الفاعلة فيها.
تاريخيّا يوجد تيّاران في تصوّر علاقة اللغة بالفكر: اتّجاه سوّى بينهما باعتبار أنّ في اللغة ما هو مادّيّ؛ فالفكر لا بدّ أن يكون كذلك، واتّجاه يرى أنّ اللغة تحطّ من قدر الفكر فهو أوسع منها يفيض على جميع وظائفها. والمتأمّل في هذا الكتاب يدرك دون عناء مدى عمق المؤلِّف في طرح القضايا وتقليبها على جوانبها المختلفة والسعي إلى الإمساك بما فيها من ثوابت، فهو لم يكتفِ بمجرّد عرض علاقة العلامة بالمعنى وتحليلها والاستدلال على ما فيها من وجاهة بل تجاوز ذلك ليبني من خلال أمثلة واضحة جهازا إجرائيّا أرسى فيه دعائم فكرة جوهريّة مفادها أنّ الدلالة نواة صلبة في كلّ بحث لسانيّ وأنّ الإقرار بالإمساك بقوانينها ومظاهر تجلّيها لا يعدو أن يكون مجرّد ادّعاء خالٍ من كلّ صرامة علميّة مطلوبة ضرورةً.
لقد تعاقبت النظريّات الفكرية الفلسفية واللغوية اللسانية في البحث عن المعنى وكيفيا تصريفه إلى وجوه في سياقات لغوية مقاليّة ومقاميّة، وما أطروحة التوسّع الدلاليّ التي يدافع عنها "فتغنشتاين" بشدّة إلاّ مظهر من مظاهر ارتباطها الرأسيّ بحدّ المعنى. فهو مكوّن أساسيّ في كلّ قضيّة منطقيّة. والتوسّع يرجعه اللسانيّون إلى أحد أمرين: إمّا إلى نفوذ التأويل الدلالي، وإمّا إلى ما هو نوويّ. وهذا المنهج المعتمَد نجد صداه في الكتاب، وإن أثبت جدواه سيُغيِّر مشهد علم الدلالة المعجميّ لِيَقيننا أنّه لا توجد دراسة لسانيّة "عربيّة" حاولت البحث عن الدلالة المعجميّة ووجوهها الممكنة انطلاقا من معانيها مستعمَلة في السياقات، والعلّة في ذلك أنّنا نربط حدّ الدلالة بتصوّراتنا المرجعيّة فنجعل منها حدثا ثابتا والحال أنّ المعنى لا يوجد في التعابير ولا في ما تُحيل عليه ولا في الأشياء في الكون، وإنّما الإنسان – كما يقول "جيل دولوز" هو الذي يُضفي المعاني على الكلمات، فالمعنى حدث غيرُ ذي قرار يتمّ تحفيزه في فضاءات دلاليّة بأنظمة تركيبيّة نحويّة.
وأدرك المؤلّف بحدس مُرهَف، وبصورة ضمنيّة لم يصرّح بها، أنّ المفاضلة بين اللفظ والمعنى مفاضلةٌ بين اللغة والمنطق، وأنّ قضايا المنطق بما فيها قضيّته الأصليّة المعنى تعود في كلّيّاتها إلى اللغة. إقرأ المزيد