تاريخ النشر: 23/05/2013
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:يأتي هذا الكتاب "خلاصات؛ الفكر، العمارة، والمجتمع" في سلسلة يكتبها المهندس المعمار رهيف فياض، وهي كتابه يمكن وصفها بأنها من هذا النوع من الكتابة (التي تتخذ من العمارة والعمران موضوعاً لها) بانها نوعٌ نادر من الكتابة في العربية، ليس فقط من حيث أنها كتابة في الهندسة المعمارية، أو فن ...العمارة، بل لأنها - أساساً - كتابة في العمران، أي في المسار التارخي "الإجتماعي" للعمارة من حيث هي جزء مكون من هذا البنيان الثقافي "الإجتماعي"، وجزء أساس في حركة إعمار العالم.
يكتب رهيف فياض عن العمارة ليس بشكل معماري هندسي مجرد، بل من حيث هي - في مكانها - في محيط تنسجم معه معمارياً أو لا تنسجم فتبدو نافرة، وكأنها ليست في مكانها.
يقودك الكاتب بعين الرأي إلى التأمل في العمارة، فإلى الرؤية إليها من حيث هي في مكانتها، فإلى العبور إلى المناخ الداخلي للعمارة... ويحاورك في ما رأيتها، حوار فيه التقييم وفيه النقد وفيه الملاحظات، وفيه لفت إنتباهك إلى ما هو بارز وما هو خفيّ في سحر هذا البنيان، او أنك تفارقه عن سحر الإنسجام مع المحيط والتراث المعمراني، ومع جديد الفن البنائي في حال رأى الكاتب جديداً في البناء، أو ما يبعث على الشعور بسحر الإنسجام وجديده في البنيان... ومدى ترابط هذا البناء بالناس، ومدى شعورهم بالألفة فيه.
وكأن المهندس في مناخات الهندسية المعمارية هذه، يشيد بناء أدبياً يجيد ويبرع في هندسته كما البنيان، فهو يطوّع الحقيقة الهندسية ليس فقط عبر لغته العربية النضرة أدبياً، بل خصوصاً عبر تمازج التخييل، وتجسيد المرئي، وتحويل المقولة الهندسية إلى لوحة مرئية ومتحركة، فيصير التخييل هناء جزءاً مكوناً من بنيان الكتابة المعمارية نفسها، وتصير عناصر التشويق والصور الأدبية وصيرورة البناء الهندسي للمقالة عوامل مكونة أساسية في هذا النوع الكتابي الجديد، أي يتجول العلم الدقيق هنا والتصور الهندسي للبنيان إلى: أدب من الأدب والبلاغة، ولكن هذا دون حجب الحقيقة العلمية الهندسية، ويمكن القول بأن في القدرة التخييلية للمعمار الأديب أن توحي بجديد في العلم الهندسي نفسه، وأن توجد حلولاً هندسية للجديد البنائي التي تصير إلى خلقه قدراته التخييلية الجمالية.
من هنا، فإن المهندس رهيف، ومن خلال رهافة حسبة جمالية، لم يكن مجرد دليل لتفقد العمارة او واقع العمران، بل كان حامل ثقافة أوسع وأشمل من مجرد ثقافة محاربة، بل هي ثقافةٌ مجتمعية، شمولية، تتحلى في غنى الكتابة، وتنجلى بالأخص في دقة المفاهيم والتدقيق في المفاهيم وتصحيح ما هو شائع بما هو واقعي وحقيقي.
والاهم من ذلك كله تلك القدرة التي يمتلكها رهيف في صياغة كتابة تشويقية - رغم التدقيق في المفاهيم - والتي تجذب القارئ إلى تلقي الثقافة والمعرفة والمعلومات، والإستمتاع بهذه اللغة النضرة التي يبرع الكاتب في صياغتها، وأخيراً لا بد من التوقف قليلاً عند الشكل الحواري شبه المسرحي، في الفصل الأخير والذي كان مسهماً وقد جعله الكاتب بعنوان لافت: "خلاصات في نسق حواري" حيث يتخيل الكاتب محاوراً ما، يطرح عليه إشكالات يرى ضرورة توضيحها، وهي إشكالات وتساؤلات تتبدى عبر الكتب الخمسة من هذه السلسلة. إقرأ المزيد