تاريخ النشر: 01/01/2013
الناشر: دار إحياء التراث العربي
نبذة نيل وفرات:لا يخفى على العاقل أن التفاضل بين بني نوع الإنسان ليس هو بالنسبة أو المال أو الأبدان؛ بل هو بقدر تفاوتهم في تقوى الله سبحانه وتعالى ومعرفة الرحمن، كما نطق به نصّ القرآن الكريم.
ولهذا صار الأولياء بعد الأنبياء والصحابة خلاصة الأكوان، وأشرف من في عالم الإمكان؛ فإنهم هم الذين ...بذلوا نهجهم في تحصيل المعرفة، وأذابوا نفوسهم بنيران الشوق والمحبة، وأنحلوا جسومهم بأنواع الرياضة والمشقة الروحية، وهجروا في ذلك الخلائق، وسلكوا صراطاً مستقيماً وتركوا سائر السبل والطرائق، وفازوا بحصول أسرار المنازلة وأنوار المشاهدة، وتيسر لهم الخروج من مضيق عالم الزور والأشباح والولوج في فضاء عالم النور والأرواح، فأشباحهم سائرة في العالم السفلي، وأرواحهم طائرة في العالم العلوي، وأسرارهم مرتوية من كؤوس المواجيد والعرفان، وأبصارهم مكتحلة بكحل المكاشفة والعيان، وبحكم هم لا يشقى جليسهم؛ سرت تلك الأسرار منهم إلى قلوب السالكين المجدين، وانعكست تلك الأنوار على بواطن الطالبين المستعدين، وترشحت من تلك الكؤوس رشحات إلى رياض إستعداد المحبين، وأراد هؤلاء الطالبون الصادقون بمنطوق (وأما بنعمة ربك فحدث)... إظهار نبذة من شكر تلك النعمة الجزيلة، وإبراز ثمرة من أشجار تلك النعمة الجليلة في ضمن نشر مناقبهم الجميلة، فكتبوا في تخليد المشايخ الكرام كتباً ورسائل، وتوسلوا بها إلى إستمطار الفيوض من المبدأ الفياض، ومن أحسن ما صُنِّف في بيان مناقب المشايخ النقشبندية كتاب (رشحات عين الحياة) للعالم الرباني الشيخ فخر الدين علي المشتهر بالصفي؛ ابن الحسين الواعظ الكاشفي الهروي، صاحب التفسير الفارسي المشهور بالحسيني، صنفه لبيان مناقب ناصر الشريعة والدين خواجه عبيد الله أحرار الطاشكندي السمرقندي خاصة، وذكر فيه أحوال سائر المشايخ النقشبندية وغيرهم استطراداً، وهو كتاب فريد من بابه، إذ أن المؤلف لم دقيقة من دقائق الطريقة، ولطيفة من لطائف أهل الحقيقة، إلا أتى منها بالخط الأوفر.
وقد جاءت رشحات عين الحياة هذه على مقالة وثلاثة مقاصد (اشتملت على ثلاثة فصول)، وخاتمة؛ أما المقالة، فقد أتى المؤلف فيها على ذكر طبقات أكابر السلسلة النقشبندية من أولها إلى آخرها على الإجمال والتفصيل، وتم في المقصد الأول ذكر آباء الشيخ خواجه عبد الله أحرار، وأجداده وأقربائه وتاريخ ولادته وأحواله في أيام صباه، ونبذه من شمائله وأخلاقه وأطواره وابتداء أسفاره ورؤيه مشايخ زمنه، بينما تمحور المقصد الثاني حول ذكر بعض الحقائق والمعارف والدقائق واللطائف والحكايات والأمثال التي وقع الإستماع لها من الشيخ خواجه عبيد الله من خلال المجالس من غير واسطة وتم تخصيص المقصد الثالث لتسليط الضوء على بعض التصرفات العجيبة والأمور الغريبة التي ظهرت من الشيخ خواجه عبيد الله على طريق خرق العادة حتى وصل إلى مرتبة الصحة والثبات بنقل العدول والثقات.
وأما الخاتمة فقد اشتملت على تاريخ وفاة الشيخ عبيد الله وكيفية إنتقاله من دار البلاء والبوار إلى دار النعيم والقرار. إقرأ المزيد