تاريخ النشر: 15/06/2012
الناشر: جداول للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لقد تدرج هيغل من منتصف طور فرانكفورت إلى بداية طور بينا (1798- 1801) من نقد عامّ لنمط التفكير الدارج إلى نقد مستتر لراهن المثاليات الألمانية انتهى فيه إلى التشكيك الصريح في إمكان أن تضطلع الفلسفة بالمآزق النظرية والعملية التي أنتجها الفكر الراهن للعصر، ولكن في خضم هذا وذاك استشكل ...عليه أمر التفكير برمّته والتبست عليه طبيعة التفلسف نفسه فأفضى ذلك إلى محنة نظر اقتضت الإنخراط في ضرب من معاودة التفكير لافي ماهية الأشكال المحدثة للفلسفة وحسب، بل التفكير في حدّ ذاتها من حيث ضبط المطلوبات الروحية التي ينبغي أن تفي بها كما من حيث النزول بها إلى مقام النظر التأملي.
من هنا، يمكن القول بأن الغرض من هذا المبحث هو الفحص من زاوية تاريخ نشوء الفكر الهيغلي وتطوره، طوراً بعينه في تاريخ المثاليات الألمانية، وبسط بخاصة مراحل نشوء المشكل الهيغلي وتكون سؤال هيغل في الفلسفة في نهاية طور توبنغن إلى فاتحة طور بينا حيث انتهى هيغل إلى صوغ مقالة في التفلسف أشهر بها لأول مرة في كتاب الفرق.
وإن الموضوع الأساسي لدى الباحث هو الوقوف من منظور النشوء والتطور التاريخيين، على حقيقة ذلك المنقلب الروحي كيف تصيّرت فيه الهيغيلية من نقد أشكال مزاولة العصر للفكر إلى تقرير الفلسفة، وتعقب أي إستشكال للفلسفي زاولته ثم من أي وجه ناظرت "اليوم المثالي" "للفلسفة" وإلى ما أمضت هذه المناظرة التأملية للفكر الترتسندتتالي بخاصة، فكان عليه ضبط المعنى الفلسفي لمحنة التفكير عند هيغل الأول (ولا سيما في طور فرانكفورت) لمعرفة كيف صدر عن إمتحان باكر للفلسفة نفسها، وتفحص لما عسى أن تمتلك به زمانها وراهنها، ليتسنى له من ثم بسط شكل المعالمية التأملية للفلسفي وما يقتضيه من مناظرة نسقية للمثالية الترتسندنتالية التي بدورها ستبين، وفي حينه، أنها محل تكوّن للسؤال الهيغلي في الفلسفة.
وكان عليه قبل هذا وذاك أن يعرض التوجهات الرئيسة في تأول البدايات الفلسفية لهيغل والوقف على ما يبدو له على أنه بعض حدودها من حيث تقتصد في بيان ذلك المنقب النظري الذي هو، فيما يقدره الباحث من أهم معارف المقالة التأملية في الفلسفة.
من هنا، فإن ما يتعقب الباحث الفحص عنه في مبحثه هذا هو بالأساس أشكال تكون فكر في طور بعينه، كيفية ضبط بنايته (ومعارفه) للتعرف إلى تقويمه الأصلاتي الذي نجم عنه ولم يزل بتصير على منواله في أطواره كلها، ومن ثم فالتشكيك في الصفة المغلّطة "للطور اللاهوتي لهيغل الشاب" إنما ألزم الباحث ببيان فساد أن يتناول المرء كتابات هيغل الأولى (وبخاصة ما تتضمنه في تدبير جذري لشأن التفكير) من منظور التكوين اللاهوتي الذي تلقاه هيغل الطالب في طور توتبغن: إن نازلة التفكير عند هيغل، وهذه الفرضية في هذا المبحث، ما كانت لتكون لا نازلة دين ولا نازلة علم كلام (أي نازلة إستخدام الفلسفة في الدفاع عن الدين)، بل هي بالجوهر إتيقيا، أي نازلة تقويم روحي للفكر في حدّ ذاته يتورَّى إخراجه الفلسفي جميع خطط النظر التي اعتمدتها المثاليات الفلسفية من كانط إلى شلنغ الأولى، ويجاوز بخاصة الإنحباس النظري للحداثة داخل الخطة المجردة للذاتية الموقنة من نفسها وما صاحبها من مسائل تتعلق بالأسس القبلية للمعرفة والأخلاق والذوق. إقرأ المزيد