الإعجاز القرآني وآلية التفكير النقدي عند العرب وبحوث أخرى
(0)    
المرتبة: 91,152
تاريخ النشر: 27/05/2011
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:لم يقم الإسلام قطيعة مع الثقافات التي كانت سائدة قبله في شتى أصقاع المعمورة، ولا يعني ذلك أنه قبلها على علاتها، أقام معها حواراً عميقاً أكد ما هو مشرق فيها، عدّل ما يجب تعديله، وسفّه ما لا يساير وقائع الحياة.
وحواره هذا مؤسس على رؤية شاملة إلى العالم لها رأيها ...في كل جانب من جوانب الحياة والوجود، ولا يعني أن الرأي متفق عند جميع المسلمين حول جميع الأمور، فإذا القرآن الكريم بوصفه المرجع الأساسي، والأول للثقافة الإسلامية، حمّال أوجه، فإن ذلك مدعاة لكي تختلف النخبة حول كثير من القضايا التي يواجهونها في حياتهم.
قضية صفات الله عزّ وجلّ، مثلها مثل الخلافة، مثل الإرث، وغير ذلك؛ وإن كان من المتوجّب، ألا يفسد إختلاف الرأي حول أي قضية الردّ بين المختلفين؛ لأن الإختلاف علامة غنى لا علامة شقاق، فإن المهم في ذلك أن يكون ذلك الإختلاف مؤسساً على منهج في التفكير وآلية واضحة المعالم في التعامل مع القضية موضوع ذلك الإختلاف.
وهذا ما حدث في الموقف من صفات الله سبحانه وتعالى وما حرّ إليه من مواقف أدبية نقدية، ومن الممكن أن يكون ذلك قد شكل منعطفاً فكرياً كشف عن طبيعة العقل العربي الفاعل الناقد، حيث انطلق العقل العربي في البحث في هذه القضايا بالإستناد إلى بعدين تبناه فريقين: كانت البعد البلاغي بالنسبة للفريق الأول هو المحور وذلك لإيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، إعتماداً على البعد الصوتي اللفظي.
وأما الفريق الثاني فكان إعتماده على الكشف عن المعنى القائم في الذهن، إرتكازاً على البعد المعنوي، والبلاغة الإيصالية ستكون مزيتها من حيّز الأصوات والألفاظ، والبلاغة الكشفية ستكون مزيتها من حيّز المعنى، هكذا تأسس النقد الأدبي العربي من داخل نسقية ثقافية واضحة ومحددة بعيداً عن العفوية والإرتجال.
هذا الفهم لآلية التفكير النقدي عند العرب شكل المحور الأساسي في أبحاث هذا الكتاب المنطلقة من هذا الفهم لتجريبه على قضايا نقدية أخرى متنوعة من مثل: الطبيعة والتكلف، وعلم الجمال ومفهوم الشعر، والتفسير القرآني، والمصطلح وعلم الدلالة، والتلقي.
ومما يجدر ذكره أن هذه الأبحاث المتعلقة بتلك القضايا كان الباحث قد قدمها في مؤتمرات، كما تم نشرها في مجلات لبنانية عربية، وهي مع ذلك ليست شتاتاً مجموعاً، لأنها صادرة بمعظمها عن فهم واحد لآلية التفكير، وخاضعة لمنهج واحد في الدراسة والبحث.
والمنهج الذي اتبعه الباحث في معالجة تلك القضايا هو المنهج الثقافي الذي يتعدى النقد الإجرائي المتعلق بالنصوص الإبداعية من شعر ونثر إلى نقد النقد الذي يقوم عليه هذا الكتاب.
وهذا المنهج حين يرتكز عليه في "نقد النقد" فإنه معنيّ برؤية مركبة تركيباً ثلاثياً؛ الأولى: رؤية المبدع الثقافية إلى العالم التي تستوجب على الناقد أن يأخذ تلك الرؤية بعين الإعتبار حين يقارب الخطاب الإبداعي سعياً إلى إكتشاف فنيته، الثانية: رؤية الناقد نفسها التي يجب أن يأخذها ناقد النقد بعين الإعتبار، والثالثة رؤية ناقد النقد التي يقارب بها الخطاب النقدي سعياً إلى إكتشاف آليات إشتغاله. إقرأ المزيد