الهمزة في العربية ؛ دراسة تاريخية مقارنة في الصوت والصرف والدلالة والقراءات القرآنية
(0)    
المرتبة: 104,110
تاريخ النشر: 06/05/2011
الناشر: المكتبة العصرية للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:يعود سبب إهتمام العلماء العرب القدامى بالهمزة إلى الإهتمام بالقراءات، وفي الواقع، فإن علوم اللغة المختلفة عامة ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالقرآن الكريم وعلومه، ولقد ظهر ذلك منذ عهد مبكر.
وردت كتب التراجم أن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي (1175هـ) أمكنه التغلب على أبي عمرو بن العلاء (70- 154هـ) في ...الهمز، والأخير هو أحد القراء السبعة المشاهير، فضلاً عن علمه في النحو والعربية، وروايته للشعر الجاهلي والإسلامي، مما حمله على التبحر في الهمز حتى صار فيه علماً وألف فيه كتاباً لم يصلنا...
يستنتج من هذه الرواية أن الإهتمام بالهمزة التميمية بدأ يأخذ حيزاً مهماً في دراسات العلماء منذ عهد مبكر، وأنهم عرفوا شيئاً ذا أهمية في هذا الصدد، وإذا لم يعرف شيئاً عن كتاب أبي عمرو في الهمز، ففي الإمكان إعتبار الخليل بن أحمد، تلميذ أبي عمرو أول من تناول الهمز بالبحث النظري المستند على أسس توفرت لهذا العالم الفذّ، فقد كان على معرفة بالموسيقى، وقد ألف فيها كتاباً، بالإضافة إلى معرفته بالنظام الصوتي الذي توصل إليه، إجتهاداً وخبرة، بالإضافة إلى معرفته العظيمة بعلم القراءات الذي حصله عن أبي عمرو.
ولقد برزت نظريته في النظام الصوتي، في كتابين: معجم العين والكتاب لتلميذه سيبويه (ت 180هـ)، وفي هذا الوقت ألف تلميذه وزميله أبو زيد الأنصاري كتابين في الهمز، يمكن اعتبارهما تطبيقاً عملياً لآرائه، أحدهما في تحقيق الهمز، والآخر في تخفيف الهمز، ولم يصل إلينا سوى أولهما، وهو في الحقيقة عبارة عن جمع لمواد مهموزة.
ويمكن اعتبار كتاب سيبويه ثمرة علم الخليل وخبرته الطويلة في ما حصله من علوم سابقيه وما توصل إليه في هذا المجال وما أضافه سيبويه من جديد لآراء أستاذه كــ"همزة بين بين"، وقد لاحظ الخليل أن الهمزة تقع في غار الحلق، فإذا به يجعلها أول الحروف الحلقية الستة مخرجاً: الهمزة، العين، الغين، الحاء، الخاء، الهاء، ولكنه بدأ معجمه بالعين، لأنه لاحظ أن الهمزة لا تقوم بمفردها، بل بغيرها من حروف العلّة: الواو، الألف، الياء، لذا سماه: معجم العين، كما أنه انتزع شكل الهمزة من العين مصغرة.
هذا ولم تخرج دراسات اللاحقين من النحويين والقراء الصرفيين وأصحاب المعاجم من القدماء على ما جاء به الخليل وسيبويه في موضوع الهمزة كظاهرة صوتية، وحتى ابن جنى (ت 393) كان يأخذ في معظم كتبه، رغم توافر المادة لديه.
وتطور العلوم في القرن الرابع التي يمكن الإفادة مما توصلت إليه، بل يمكن إعتبار رسالته "الألفاظ المهموزة" جمعاً لبعض المواد المهموزة، لا غير، رغم ميله إلى التنظير في المسائل اللغوية، ولكن الشيخ الرئيس أبا علي الحسين بن سينا (ت 428) وقد تناول العملية النطقية في كتيب صغير أسماه "رسالة أسباب حدوث الحروف"، وهو أول طبيب يتناول عملية النطق لدى البشر بناء على خبرته التشريحية كعالم طبيب، وهو بذلك يكون قد سبق الغربيين في المجال التشريحي لأعضاء النطق، ولذلك أمكنه أن يثبت رأي الخليل من الناحية التشريحية، وهكذا يمكن إعتبار التكامل الناتج عن هذه الدراسات النظرية لدى الخليل وسيبويه والدراسات التشريحية عند ابن سينا تتويجاً لمجهود العرب في مجال الصوتيات.
في هذا الإطار يأتي البحث في هذا الكتاب في محاولة لإلقاء ضوء جديد كاشف على التراث اللغوي العربي الذي جعل من الهمزة التميمية ظاهرة هامة من ظواهر اللغة الفصحى، فضلاً عن التطور الذي تعرضت له في مختلف البيئات العربية المعاصرة، وبهذا يلم البحث بمختلف جوانب الهمزة: ولا سيما تلك الجوانب التي أهملتها دراسات المحدثين في العرب والمستشرقين، ورغم ما بذلوه في هذا المجال من جهود. إقرأ المزيد