سورة الأنبياء ؛ مفهوم اقتراب الحساب
(0)    
المرتبة: 191,624
تاريخ النشر: 01/01/1994
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
نبذة نيل وفرات:بالمقاييس الزمنية البشرية، فإن طول الزمن أو قصره يقدّر من الإنسان بمقتضى حجم فهمه لمعنى وجوده، فالذي يدرك أنه خلق لهدف محدد، وهو العمل الديني والدنيوي والحساب بموجبه، يرى العلاقة الوثيقة بين الدنيا، دار الأعمال والفناء، وبين الآخرة، دار الحساب والخلود، فيضع نصب عينيه مسألة قصر الزمن مهما طال؛ ...ومن هنا، نراه وهو يتعامل مع الزمن في دنياه بمنتهى الحرص والجد بل والحكمة... يعرف قيمته لأنه يفهم حقيقة الأشياء.
إذن، فالإنسان المؤمن يتعايش مع الزمن وهو يحس بحركته السريعة التي لن يوقفها إلا الله عز وجل، في وقت معلوم لديه... وقت الساعة، ولكن على عكس هذه الرؤيا الصحيحة للزمن من قبل صاحب التعقل والحكمة، فإن الإنسان الذي لا يدرك حركة الزمن بإطارها السريع، فيظن بها الطول، وقد يدفعه ذلك للتوهم بأن خلوده يكمن في حياة الدنيا؛ ومن هنا، يتصرف بلا مسؤولية، ولا حسابات لعواقب الأشياء، ولكن ما هو السبب الكامن وراء ذلك؟ إن السبب الجوهري برأينا، مرتبط بالإخلال في الميزان الدقيق بين العقل والعاطفة؛ ولكن ما هي القواعد التي تبرز الإنسان المعني من وجوده، كما تبينها "سورة الأنبياء" موضوع هذه الدراسة؟ الكتب السماوية بكل تأكيد، وخاتمها القرآن، الوحي الذي أنزل بالنص على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
إن القرآن الكريم المتميز بالإعجاز من حيث الأسلوب والمعنى، وضع للناس الشرائع والأحكام التي تنفعهم في حياتهم الدنيوية، وتعصمهم من العذاب الأخروي إذا تمسكوا بها، ونفذوها في إطارها الصحيح؛ كما أنه وضع الأحكام اللازمة لإدارة حياتهم الإجتماعية والفردية؛ وأمرهم بالضرورة للإمتثال للأوامر الإلهية والإبتعاد عن النواهي لتجنب العقاب الأخروي، وبين لهم، في الوقت ذاته، أن الله تعالى الذي لا يحد علمه شيء "يحصي عليهم أعمالهم وكل ما تحدثهم به أنفسهم من الخير والشر ومن الفجور والبر ومن الطاعة والمعصية، وهو يسجل كل هذا في كتاب مدخر عنده، فيعرض على كل إنسان كتابه يوم الحساب ويجزيه عما سجل في هذا الكتاب من أعماله الظاهرة والباطنة، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشرا". إقرأ المزيد