تاريخ النشر: 12/02/2015
الناشر: دار البشائر الإسلامية
نبذة نيل وفرات:كثرت في جوامع ومدارس دمشق المحروسة ظاهرة السماعات المكتوبة على طرر المخطوطات وفي آخرها، خصوصاً بعد منتصف القرن السادس الهجري. ومن المعلوم عند المحدثين أن للمساع قيمة أصلية، ورتبة رفيعة في توثيق رواية نص الحديث، وإنها جزء من الإسناد، والإسناد من الدين، وهو كرامة لهذه الأمة المحمدية، وكانت هذه ...السماعات معظمها تقام في المساجد والمدارس.
ومما زاد في ذلك أن السلاطين والأمراء قد إعتنوا ببناء المدارس وإزدهارها، ليتولى العلماء فيها إقامة الدروس، وإقراء كتب الحديث وغيرها من علوم الإسلام.
فهذا نور الدين الشهيد يبني مدرسة ليتولى التدريس فيها الحافظ إبن عساكر، وهذا الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل بنى دار الحديث الأشرفية، وجعل شيخها الحافظ إبن الصَّلاح.
وبالجملة، فقد حرص أئمة الحديث في هذه الديار على قراءة كتب الحديث المشهورة، وأجزائه المنثورة، وذلك في أروع صورة مشرقة من: تقييد للسَّماع، وحرص على رواية الحديث وكتبه، وتسجيل الحضور من حيث إسم المُسمع، سواء أكان المصنف أم غيره من العلماء المعروفين بالحفظ والمعرفة، والقارئ للأصل، وقد يتعاقب على القراءة أكثر من واحد، وكذلك تدوين إسم كاتب السَّماع أو الطِّباق، ثم سرد أسماء الذين حضروا السماع كاملة مع ذكر ما لهم من صفة إن كانوا من العلماء أو الحفاظ، وتذكر أسماء الرجال والنساء، ومن شارك في مجلس السماع، سواء أكان ذلك سماعاً أم إحضاراً، وتاريخه ومكانه، ثم التعقيب على ذلك بقولهم، صحيح ذلك، أو: صحّ ذلك وثبت، أو: صحيح، كتبه مؤلفه.
ولا شك أن هذا كله يدل على أن للسماعات شأناً كبيراً، فهي تعطي للمطَّلع عليها ما كان عليه أئمتنا من التثبت العلمي، وما أخذوه من علم أصيل، وما سمعوه من الكتب والفنون.
وهي مصادر مهمة لمعرفة مراكز العلم في البلدان الإسلامية، وحركة تنقل أهل العلم فيها، إلى غير ذلك، مما يدل على ضبط هذه الكتب وتوثيقها وصحتها.
وإحياء لسنة هؤلاء العلماء في العرض والمقابلة والسماع، فقد يسَّر الله تعالى قراءة جملة من الكتب والأجزاء، والفوائد المفيدة في بعض جوامع دمشق ومدارسها، والطريقة في ذلك هي إعادة قراءة تلك الكتب والأجزاء المقروءة فيها إلا أن يتعذر ذلك لإندراسها أو إغلاقها.
بين يديك من هذه السلسلة سلسلة دفائن الخزائن " الأربعين " للحسن بن سفيان النسوي المتوفي سنة (303هـ) والتي قرأها أئمة الحديث في هذه الديار وسجلوا ذلك بخطوطهم كالحافظ الضياء المقدسي، والحاف المِزِّي، والحافظ الذهبي وغيرهم، في أماكن متعددة كالجامع الأموي، ودار الحديث النورية وغيرهما. إقرأ المزيد