تاريخ النشر: 20/11/2008
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:ينتمي حيان "يحيى بابان" حياتياً إلى جيل الجسر/جسر وثبة 1948، وإبداعياً إلى جماعة "الوقت الضائع" التي بدأت الكتابة بعد ثورة تموز 1958 في العراق، وتفرّق أعضاؤها من الأدباء والفنانين بعدا انتكاسة الثورة، وكان جيان/الروائي في مقدمة المهاجرين بعد خبو العلم العظيم لليسار العراقي.
تغطي الرواية المشهد الثقافي العراقي في الستينيات، ...وتحكي تجربة رجل... إبراهيم... يهرب من العراق ويذهب للبحرين ويقيم فيها مداوماً على عمل روتيني في السفن المبحرة في الخليج، عمل إبراهيم مراقب مخزن مع شهادته الجامعية، وشغل وظيفة مراقب في مرائب شركة فرنسية، وشغل أيضاً وظيفة مساعد في فريق عمل في حفر آبار ارتوازية، ويصف حياته العلمية لأصحابه قائلاً: "ساعاتها أطول من ساعات حياتكم الاعتيادية". ويضيف أنها ثقيلة وتنسج أيامه، وتوفر خلوة مدفوعة الأجر تتيح له قراءات متنوعة بعيداً عن أية رقابة.
وفي هذه الرواية يبدو أن جيان أو "يحيى بابان" يحاول أن يسترجع أجواء العراق الثقافية، مقاهي الأدب، ونقاشات تدور عن الحرية والضرورة، وعن الأحلام المجهضة التي لم يكف المثقفون عن ترديدها. وهنا يبرز في الرواية حلم الثقف بحياة عادلة تدفعه للهروب من وهم إلى آخر، فمغامرة الرحيل إلى جزيرة البحرين "دلمون" تحول البطل إلى باحث عن الجذور أو هكذا يقنع نفسه كي يقبل عناء أن يكون مغترباً في مكان تُنسج فيه الطموحات، يستذكر حواراته مع الرفاق في بغداد "أعرف أن الخلود وعد غامض، وما من شيء يعوّض عن الحياة". فكرة الاغتراب تبرز أيضاً في الرواية وتشغل بال البطل مُذ كان ببغداد، وهو يدرك تماماً أن تجربة السجن والتعذيب قد صيرته شخصاً مطارداً في بلده، بل مطروداً من وجوده الشخصين فقد سحبت السلطة منه هويته وأوراقه التي تمكّنه من الحصول على عمل، وعانى ما عانى في عمل وبلد آخر ظن أن فيه مساحة من الحرية الفكرية، فهل تكون رواية "دلمون" ارتحالاً تشردياً تأخر فطامه مدة نصف قرن عن الظهور، هكذا بدأ حُكمْ النقاد الأولي على رواية الأبعاد اليوتوبية المضادة، الهاربة من زقاق الحلم العظيم طمعاً في الحرية وتغيير العالم، وخاصة أن الرواية تمثل تيار الهجرة الجماعية بعد إجهاض الثورة (1958) وضياع جيل من المثقفين وراء الحدود والذي تجسد في أدب المنفى فلكي لا تشيخ الروح يسرّع "إبراهيم" حركة المنفى ويقدم قرباً لحريته، حيث يقوم بإصدار صحيفة لا تخفي غرضها التحريضي من بداية نهوض جديد في تاريخ البلاد، لتبدأ معها هجرة أخرى؛ ودائماً ثمن الحرية باهظ سواء داخل الحدود أم خارجها...نبذة الناشر:لو سئل أي من كبار السن في مقهى سلطان، كيف هي حكايات القلاف بن صالح يجيبك فوراً: "بن صالح يتكلم عن حياته ومهنته وعن جيلنا"... ويقدر أقرانه معرفته وخبرته في التعامل مع حرفته وأدوات عمله، الفأس، والمثقب وقوسه، والهندازة والمنشار والقدون، ويستعين بكل هذه في حكاياته، وحينذاك لا يقتصر وظيفتها على أنها أدوات لازمت يديه في سنوات عمله، بل هي مجسات له يتحسس بها حياته وما تعلمه ويعرفه ويتوق إليه.
وفي يوم وهو يستعيد تفاصيل عمله قال لإبراهيم: كنت أشترط لصناعة سفينة من نوع الغنجة مثلاً أن يكون البيص. وسأن بلهجة حادة قال: تعرف معنى البيص؟ وأردف قائرً: إنه قاعدة السفينة أو عمودها الفقري، وأن تكون مستقيمة وبلا شوائب وهي من أنواع خشب (الساج) أو آخر يدعى (بلاد) ويجلب من أندونيسيا. وقال أنه خشب صلب ومتين له رائحة الغابة.
ويضيف بن صالح: عندما يبدأ من الصفر يثبت خشبتها الأمامية وسماها الصدر، ثم يصنع خشبتها الخلفية وسماها التغر، راسماً بحركات أصابعه ويديه أضلاعها، مثبتاً لها ما بين طرفي مقدمتها ومؤخرتها، موضحاً أهمية توازن قاعدة صدر السفينة وتغرها على مستوى رأسي واحد. وقال مشدداً على كلماته محدداً مواصفات أضلاع السفينة "يجب عليها أن تكون متشابهة". بعد ذلك ترسم يداه في الهواء هيكل السفينة محذراً يقول إذا ما حدث خطأ ما في صناعة السفينة: "ينكسر هيكلها مثل علبة ثقاب تسحقها بالقدم" قال ذلك بلهجة حازمة، هادئة. إقرأ المزيد