التطور الدلالي في لغة الشعر
(0)    
المرتبة: 61,671
تاريخ النشر: 01/01/2009
الناشر: دار أسامة للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:دَأبَ علماء العربية على جمع مواد اللغة ووضعها خدمة للقرآن الكريم والدين القويم، ونجحوا في تدوين جانب كبير من الآثار الأدبية شعراً ونثراً وجعلوا همهم الوصول إلى أعمق نقطة في التاريخ ليعطوا بحوثهم هذه القيمة الكبرى في حياتهم العملية.
لقد تمكن هؤلاء العلماء من توظيف هذه اللغة في دراستهم ...وجعلوا فروع المعرفة تعتمد عليها إعتماداً تاماً وهنا نشأت دراسات جديدة تفرعت من هذه الجهود، مستنبطة أحكام اللغة وعلاقاتها في النحو والصرف. وبقي أمامهم أنْ يضعوا شروطهم وحدودهم للأخذ والإستشهاد. ومما اهتمّ به العلماء في تفرعاتهم هذه؛ النظُر في اللغة والمعنى وما ينبني عليها من آراء ومفاهيم. فظهرت الدراسات اللماحة عند الخليل في (العين) وعند من تبعه من العلماء على مر العصور.
إنَّ اللغة عرضة للإضافة والتغيير في البنية والمعنى، مما ينعكس بدوره على اللغة الأدبية وهي الساحة الحقيقية للتفاعل اللغوي.
إنّ النظَر إلى العصر الجاهلي على أنّه عصر إكتمال اللغة ونضجها. وعد ما جاءنا منه الحكم الفيصل في كثير من الإشكالات والتعقيدات اللغوية، لا يعفينا من الخوض فيما تلاه من العصور لمتابعة مسار هذه اللغة وتطورها.
وكان الحرص الشديد وإلتزمّت في إقامة الحدود والفواصل الزمانية والمكانية والقبلية يجعل النظر في لغة أدباء العصور التي تلت عصر الإستشهاد نوعاً من التملُّح وفَضْلاً من الثقافة، لا علماً ينهد العلماء إلى دراسته وفحصه، مما حرم اللغة العربية ودراسيها من ملاحقتها وملاحقة مفرداتها وتطورها الدلالي الصّوتي حتى التركيبي منها ولعل المواقف من تحديد اللحن والخطأ في اللغة والرسائل والمكتب التي ألفّت في ذلك، والجهود التي ظهرت لدى أعلام حركة التصحيح اللغوي، تضع اليد على بعض حالات التطور التي اعترت اللغة والمفردات على مرّ العصور، إلا أنّها بمجملها لا تسلّط الضوء على المراحل الزمنية كلِّها للإنقطاع الحاصل بين حِقْبَةِ اللّحن وما سبقه...
وهذا يضعنا أمام استنتاجات وتساؤلات عن أولية وضع الدلالة وما طرأ عليها إلى زمن التأليف.. وعلى الرغم من الخدمة الجليلة التي قدّمها علماء العربية وواضعو المعاجم فإِنَّهم لم يَتَتَبَّعُوا الأُصول اللغوية للألفاظ، والمراحل التطورية التي مرّت بها في الصوت والدلالة. إلا في حالات قليلة لا تتناسب وحجم المعجم اللغوي.
لقد تهيأ للباحثين الوسائل الكثيرة التي تمكّنهم من استكناه هذا التطور ومتابعته من خلال الدواوين والمؤلفات، ومتابعة آراء القدماء من المصنفين في تبيانِ جوانبَ مِنْ هذه المسألة وإبرازها.
إنَّ رصد هذه الظاهرة خلال العصور يعطينا الفرصة لوضع اليد على مراحل تطور دلالة اللفظة والبناء، ويُظهر أسباب هذا التطور والتغيير، وهذا يجّرنا إلى المؤثرات الفاعلة في بنية المجتمع، وهنا نتوجَّهُ إلى العصر العباسي الذي يمثّلُ أقصى مراحل التغيير في مناحي الحياة وأكثر العصور تأثراً بمظاهر الحضارة الجديدة.
لقد نزع شعراء الدولة العباسية ولا سيما شعراء القرنين الثاني والثالث إلى تمثيل روح الحضارة ومظاهرها في أشعارهم، في حين نرى العكس عند شعراء الدولة الأموية حيث نكصوا (أو نكص غالبهم) إلى البداوة ولغتها في أشعارهم.
نسأل الله أن نكون قد وفقنا في مهمتنا، ومهمة هذه الدراسة كشف جوانب التطور الدلالي التي ظهرت في لغة الشعر. إقرأ المزيد