شروط الابتكار في الفن والأدب
(0)    
المرتبة: 167,969
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الكندي للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:ليس الحدث المسرحي بديلاً عن الحديث الحياتي أو مساوياً له، لأنه يجري على مستوى الإبتكار، وليس على المستوى الواقعي، ومشروطاً بإبداع المؤلف بشكل مسبق، وينبغي أن يتجاوب مع متطلبات الخشبة: أن يكون منقِّى، وأن يكون مفهوماً من قبل المتفرج.
إن الحدث المسرحي من حيث الفرق بينه وبين الحدث الحياتي متغيراً ...من كل المصادفات، غير الحقيقية وبشكل مكثف أنه ينسج "حياة الروح البشرية" للدور بشكل مركز؛ إلا أن الفرق يبقى أقرب إلى طابع الحدث منه إلى جوهره، ومن وجهة نظر فن المعايشة تكمن في أساس سلوك الممثل على الخشبة، قوانين التصرف البشري في الحياة (كلما كان الفن واقعياً كان قريباً للطبيعة)، يؤكد شجنكين قائلاً: فلنحافظ على قوانين الطبيعة، التي هي من أهم متطلبات منظومة ستانسلافسكي، إذ ينبغي أن يقوى الممثل، على أن يتصرف على الخشبة، كما لو كان يتصرف في الحياة وفي ظروف مشابهة لظروف الدور، ولكن تصرفنا على الخشبة حسب قوانين الحياة، أكثر صعوبة من أن نتصرف بطريقة مسرحية، هذا هو الحال، لأن الحياة المسرحية تُحقق في ظروف الإبتكار الغني، وحينذاك تختفي الصورة العملية، لكي يكون الحدث منجزاً، وحسب تحديد ستانسلافسكي؛ إن إبداع الممثل يبدأ بــ (لو) السحرية، بمعنى الإنتقال من مستوى الحياة الواقعية إلى المستوى التخيلي، ولكي نصل إلى هذا، فليس مهماً أن نوحي لأنفسنا مغناطيسياً وأن نعاني في تقبل الإبتكار من الواقع، ينبغي على المثل فقط أن يكون على قناعة بأن من الممكن أن يكون إبتكاراً متحققاً في الحياة الواقعية، وأن يجد حدثاً ملائماً، ولكن الصعوبة الرئيسية في فن الممثل ونحن نقوم بالتصرف ضمن شروط حياة مموهة، أن نحافظ على دقة العمليات العضوية الملازمة للإنسان في الحياة الواقعية، وينبغي للوصول إلى هذا بأن تسلك تدريجياً، كأن نبدأ أولاً برؤية الحدث الحياتي الواقعي في أبسط العناصر.
وعلى سبيل المثال.... هناك الكثير من الأفكار، والمشاعر، والأمزجة تولد إبتكاراً معيناً، هذا يؤثر في الظرف العام الذي يعطي لوناً لكل ما يحدث بعد ذلك، بمساعدة هذه الإبتكارات، نخلق التربة، الظروف المعطاة لمقطع مسرحي ما... ونطوره ونطلق عليه اسماً ما يتوافق مع معطياته...
لقد وضع ستانسلافسكي علاقة عن التوازن ما بين "تحت النص" و"تيار الأحداث" للدور، إذ قال: "ذلك الذي يسمى "تياراً" يخص مجال الأحداث، أما في مجال الإلقاء فنحن نسميه "تحت النص".
إن معنى الإبداع يكمن في "تحت النص" وبدونه لا ينفع الكلام فوق الخشبة ولن تكون هناك لحظات إبداع؛ إن الكلمات هي للمؤلف، أما تحت النص فهو للمثل، وإذا لم تتحقق الحالة فإن المتفرج سوف لا يطمح إلى الذهاب إلى المسرح لكي يشاهد الممثلين، ولكن بمقدوره قراءة المسرحية في بيته".
في العروض المتكررة، كي لا ينحرف الممثل عن خط "تحت النص" ينبغي عليه في كل مرة نشاهده فيها، جديداً، كما لو كان يمثل للمرة الأولى ويخلق في مخيلتنا "شريط الرؤى السينمائي ويربطه مع "تحت النص" ولا يكون النص واضحاً، بالتعبير الواضح في إلقاء الكلمات؛ لأن الرؤى هي التي تعبر عن الأفكار والمشاعر الحقيقية للشخصيات وآمالها، إن الكلمات دائماً تكون في خدمة الأفكار حيث تخفيها، وتضع عليها القناع، هذا يعني إن تحت النص الواضح، يمكن يتناقض مباشرة مع النص، ولهذا فإن إظهار نوعية تحت النص وإبرازها هي أكثر مناسبة للدراسة...
تلك هي بعض شروط الإبتكار التي يحددها ستانسلافسكي حيث يطمح من خلال هذه الشروط تنشئة ممثل مسرحي يتماهى في دوره على خشبة المسرح على جميع الأصعدة الفنية والأدبية والشخصية والإجتماعية... مستعداً لأن يلعب دوره في إطار مسرحي متميز بالإبتكارات التي تصدر منه تلقائياً... وبشكل عفوي... بإستطاعته إكتسابها من خلال إطلاعه على ما جاء في مدرسة ستانسلافسكي المسرحية... حيث يقدم للمخرج أيضاً تلك المؤثرات التي تجذب المتلقي... وتجعل العمل المسرحي بمثابة مشاهد واقعية تنبض بالحياة... من خلال مصداقية... الصوت... الأشخاص... الأضواء... المؤثرات بكل أنواعها. إقرأ المزيد