تاريخ النشر: 19/02/2008
الناشر: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:يحيا الإنسان بطريقتين في علاقته مع العالم الذي يحيط به. فهناك قبل كل شيء التجربة الفردية لأناه، إنه بواسطتها يشعر بكل الحوادث الخارجية ذات الصلة فقط مع أناه الخاص، وتجمّل هذه التجربة الانطباعات المباشرة لحواسه ولا تعطيها مضموناً إلا بقدر ما ترتبط هذه الانطباعات بحياته الخاصة. وهناك نوع ثانٍ ...من التجربة ترتكز على أن كل كائن إنساني، بكل كيانه، هو حلقة في السلسلة الطويلة للتطور التاريخي، وأنه دوامة في السيل الخالد للحياة. في هذا النوع من التجربة، لا يتحدد الوجود مطلقاً بالماضي الشخصي، فالماضي اللاشخصي يحل محله ويخلق للتجربة الفردية خلفية لازمنية، ومنظراً "للأزلية والخلود". وهكذا تجد المرأة في الأمومة فرصة رائعة للبرهان على هذا الشعور بالخلود بصورة مباشرة. فالوظيفة الأنثوية في التكاثر ليست مجرد فعل فردي، وجسد أو فكر، ويحدث على المستوى البيولوجي، فعلى العكس تماماً، فإن مثل هذه الأحداث البيولوجية تعتبر كمظاهر فردية للتذبذب الشامل الذي يحمل الإنسانية من القطب المبدع إلى القطب المدمر، وفي الطقوس الدينية، وفي الفكر الفلسفي الأكثر تطوراً، وبالإمكان دراسته وبصورة مباشرة وإفرادية من خلال مهمات تناسلية للمرأة.
ومن ناحية أخرى، فالأمومة بصفتها تجربة فردية، لا تمثل فقط طوراً بيولوجياً، إنما أيضاً كنهاً نفسياً تتلخص فيه تجارب فردية عدة، وذكريات، ورغبات، ومخاوف، سبقت التجربة الواقعية بكثير من السنوات. إن عالم النفس يراقب ويحلل في مختبره التجارب الفردية كما تبدو له بصورة ذاتية. والرؤية التي يتم الحصول عليها هكذا عن الحياة ليست مستثناة من التناقضات، إنما لعله من الممكن، بعدد كبير من تلك الملاحظات، الانتهاء إلى بعض الاستنتاجات العامة.
من هنا يأتي هذا الكتاب الذي يحاول المؤلف من خلاله تصوير الحياة النفسية للمرأة الطبيعية في هذا المجتمع، مستخدماً في عرضه للمواضيع وثائق مرضية وأمثلة مستبقة ومستقاة من التاريخ، وكان ذلك دوماً بهدف تفهم الروح الأنثوية الطبيعية والحديثة بصورة أوضح. ونظراً لأن الترابط الموجود بين التطورات النفسية والفيزيولوجية لا يمكن رؤيته في أي مكان كما في الوظائف التناسلية للمرأة، وكذلك ضمن دراسة المظاهر النفسية للأمومة، انساق المؤلف وبالضرورة لتحديد موقع الاضطرابات فيها ليس فقط في أحد هذين المجالين إنما أيضاً في الآخر. وهو مجال الأمومة فليس هناك امرأة، إن جاز التعبير، ما لم ينقص صراعاتها النفسية الطبيعية الطور البيولوجي للأمومة إلى درجة ما. ذلك فإن الكتاب سيهتم بمختلف الأطوار الفيزيولوجية غير الطبيعية المتعلقة بهذا الموضوع كمثل العقم والإجهاض وحوادث الحمل والولادة والإرضاع... إلخ.
بالإضافة إلى ذلك ومن جهة أخرى، ونظراً لما للعوامل الثقافية والاجتماعية من تأثير في بنية الروح الأنثوية، فقد أشار المؤلف إلى هذه العوامل، وذلك لتأييد رأيه حول ثبات بعض المظاهر النفسية لحياة المرأة في جميع الحضارات.نبذة الناشر:تظهر المسائل الرئيسية للأمومة منذ بداية وظيفة التناسل، وتستأنف، كما رأينا بعد ولادة الطفل، بالعلاقة بينه وبين أمه. وتتعلق إحدى هذه المسائل بالصراع الذي لا مفر منه، الموجود بين مصالح الفرد ومصالح النوع، وتكمن أكبر مهمتين للمرأة، بصفتها أماً، في إرساء طريقة منسجمة لوحدتها مع الطفل، وفي الانفكاك عنه فيما بعد بصورة منسجمة أيضاً. إقرأ المزيد