تاريخ النشر: 01/06/2007
الناشر: منشورات الجمل
نبذة نيل وفرات:"واليوم، وها قد مرّ خمسون عاماً عرفت خلالها معنى الدمار إذاً، هلكت وسرت كهالك في برية الأحياء هذه، حملة صبرك المحطم في قحفة، رفعتها وتدحرجت على طريق التائهين، تضلك سحابة الأوهام، ويرشدك الانتظار، ويدفعك الملل كي تسرع أكثر. أينما حللت رأيت النوى والمصدود، سمعت أنه اليقين وهو يلاقيك ثم ...يبتعد، الأسف المكتوم يحوم من بعيد، ذكريات صرختك، انفعالك وأنت تروي ما رأيت، ما سمعت، ثم كيف عشت وحيداً في صحراء خيالك! ما حلّ بك إذاً؟ اليد التي نحلت، والبطن التي ترهلت، بصرك وقد كلّ، سقرك الأعمى هذا يدور بين البيوت والقمم الواطئة، وجودك وقد عدمت حيلتك، ورايتك وقد تكدست في ما بيننا فتات كلام وكلام وكلام. تريد أن تحلّ عنا، أن تتركنا، تشيل عمرك وقد جمعت سنواته بجارور من جوارير الماضي، يحيطه الرماد ويغطيه الغبار! تهت بيننا إذاً، تناشد العابرين أن يدلوك إلى الطريق، أن يفسحوا لك كي تمرّ، تتوكأ على عصا السنوات والأوهام، وكم أخطأت في هذا؟ فوسط الزحمة هذه لا تجد أماك إلا النكران، اليد المرفوعة وهي تهوي عليك، أو تتوعدك منذرة كي تعود من حيث أتيت! وبما أنك لم تأتِ من مكان، وربما أتيت من مكان، لكنك لم تعد تتذكر المكان الذي أتيت منه، لهذا ستبقى مرة أخرى حائراً، لا تعرف إلى أين تتجه! الأرواح الصغيرة المجلدبة هذه بجلد نتنة تتدافع أمامك وكأنها جبلت على النتانة، طفح التخادم والمداهنة، بلاء الحمق قد أصابها، وأضحت كما تراها هنا، أو في كل مكان رأيت!".
استرسالات ألم وحزن لمواطن تجرع بلده كؤوس العذاب، أنه العراق الذي ناء بحمل حكامه وبحمل المؤامرات التي حيكت حوله وضده. هكذا يحكي جمعه سيرته ضمن سردياته التي تجيء بمثابة تذكارات مواطن حمل هموم بلده. لهجة نقدية تطال الحكم والحزب والحكام والحزبيين. يجعل الكاتب عن طريق شخصية "جمعة" وهي لسان حاله، يجعل القارئ يقترب أكثر من العراق ومن مأساته، من خلال تلميحه تارة وتصريحه أخرى عن يد العابثين التي صالت وجالت في أرجائه. كما أنه يجعل القارئ يقترب منه أكثر متماهياً في آلامه، أحزانه، أوهامه وتهويماته.نبذة الناشر:كان يريد أن يكتب كتاباً، أن يعلق على بعض ما رأى وعاش، كان يريد أن يوهم نفسه بأشياء كثيرة هنا وهناك.. وأن يرى الطريق إلى هناك، حيث التهبت الأرض وتصاعد الدخان.
في الظل كان يمضي أيامه ولياليه، لم يرد أن يكون في الضوء، راحه انشقت وسالت دماؤه، بقي القلم مطروحاً ولم تتوقف أحلامه عن الحضور.
ريقه جف، كان يريد الكلام، فهمهم الكلمات وأقعى، الكلب يقعي، هو أقعى.
سار في الطريق، في طريق الأحلام سار، فشدته الرياح، وضاع منه الذي كان لديه والرياح شدته إليها ولوحت له الأماني من بعيد. غير أنه سار متعثر الخطوات، يده تشد عصاه التي بها لامس الطريق.
هكذا كان إذن.
تبعثرت أوراقه، بعضها لاح في الهواء طائراً وضاع في الأعالي، لكن كمشة بقيت منها في يده، رتق فيها طويلاً، حينما كان ذهنه يصفو وتهدأ العواصف في روحه، تشجع بكل اليأس الذي يملكه والذي لا يملكه، وخطها من جديد لنفسه ثم توسد حجراً من أحجار الطريق ونام. إقرأ المزيد