أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى
(0)    
المرتبة: 22,318
تاريخ النشر: 01/03/2007
الناشر: دار التنوير للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:ما زال ابن رشد يحظى باهتمام عظيم الى اليوم سواء في الشرق أو في الغرب، بل حظي خلال السنوات الأخيرة باهتمام يفوق ما حظي به أي فيلسوف مسلم آخر. كذلك درس تأثيره في فلسفة العصور الوسطى المسيحية واليهودية ابتداء من منتصف القرن الماضي على أيدي بعض المستشرقين كان في ...مقدمتهم "رينان" في كتابه الشهير عن "ابن رشد والرشدية" ومونك في كتابه "أمشاج من الفلسفة اليهودية والعربية". وعلى أثر هذين العالمين بدأ كل مؤرخي فلسفة العصور الوسطى يهتمون بابن رشد وبأثره في فلسفة العصور الوسطى وان لم يفردوا لهذا الأثر دراسات قائمة بذاتها كما فعل رينان. وتوالت اثر دراسة رينان العديد من الدراسات المتخصصة عن الرشديين، فجاءت على سبيل المثال دراسة ماندونيه الشهيرة عن "سيجردي برابانت والرشدية اللاتينية في القرن الثالث عشر وأخلصهم".
ثم جاءت بعد ذلك بربع قرن تقريباً دراسة فان ستيبرجن عن نفس الفيلسوف لتعدل بعض الأحكام عن هذا الفيلسوف، ولتنشر ما نشر ماندونيه من مؤلفات. هذا ولا تخلو أية دراسة في فلسفة العصور الوسطى من تناول للرشدية اللاتينية كما لا تخلو معظم هذه الدراسات من تناول للرشدية اليهودية وان بقيت الحاجة الى تناول جديد شامل للرشدية المسيحية واليهودية. من هنا تأتي هذه الدراسة التي كانت بمثابة رسالة لنيل شهادة الدكتوراه، وهي تناول بعض جوانب أثر ابن رشد على بعض الفلاسفة المسيحيين واليهود، أي أنها دراسة تفصيلية لبعض النظريات الرشدية ولأثرها في هؤلاء. وقد اختارت الباحثة من فلسفة ابن رشد ثلاث مشاكل هي مشكلة التوفيق بين الفلسفة والدين، ومشكلة العالم، ومشكلة النفس العاقلة، لتقوم بدراستها عند ابن رشد أولاً ثم بدراسة أثرها ثانية في فلسفة العصور الوسطى. وهي بدراستها لهذه المشاكل الثلاث تكون قد تناولت جانباً كبيراً من فلسفة ابن رشد، وهو ذات الجانب الذي كان له أعظم الأثر في من تأثروا بالرشدية وتكون بالتالي قد تناولت جلّ أثر هذه الفلسفة في الفلاسفة الذين وقع عليهم اختيارها لدراسة أثر ابن رشد في فلسفتهم.
والجدير بالذكر أن أهم ما حدد اختيار الباحث للمشاكل الثلاث المذكورة أنها كانت محور اهتمام كافة فلاسفة المسيحية واليهودية المهتمين بابن رشد سواء كانوا مؤيدين أم معارضين. وتم التركيز في هذه الدراسة على الرشدية واللاتينية في القرن الثالث عشر في باريس وحدها دون غيرها من المدن التي عرفت جامعاتها تلك الفلسفة. وسبب الإختيار يعود الى أنه القرن الثالث عشر يمثل بحق ذروة ما وصل إليه الفكر في العصور الوسطى المسيحية، وأن باريس كانت في ذلك الحين منارة هذا الفكر، بالإضافة الى أن القرن الثالث عشر في باريس يعد أهم مرحلة في تاريخ الرشدية اللاتينية، إذ يمثل دخول هذه الفلسفة لأوروبا وبلوغها الذروة، كما أنه يمثل العصر الذي حدث فيه ما يشبه الصدمة للفكر المسيحي، تلك الهزة التي ساهمت الى حد كبير في خلق الفكر المسيحي الفلسفي المنفصل عن الفكر اللاهوتي.
وقد حددت لدى الباحثة عدة اعتبارات عند عند اختيارها لهؤلاء الفلاسفة المتأثرين بابن رشد، فوقع اختيارها على القديس ألبرت الكبير لأنه أول من أراد استيعاب أرسطو في علم اللاهوت المسيحي، وبالتالي لا بدّ وأنه تأثر بشارح أرسطو الأعظم وهو بصدد تحقيق هذا الغرض، كما وقع اختيارها أيضاً على توماس الأكديني، و "فلسفة" لا تنفصل عن "فلسفة" ألبرت الكبير، فهي مكملة لها حتى أنه يطلق على الفلسفتين معاً اسم "الفلسفة الألبرتو-توماوية" لأن أثر ابن رشد في فكره لم يزل موضع خلاف بين الباحثين. وكان لا بد من دراسة سيجر دي برابانت الذي يعتبره الجميع الفيلسوف الرشدي الصميم. ومن ناحية ثانية وقع اختيار الباحثة على كل من موسى بن ميمون واسحاق البلاغ ممثلين للرشدية اليهودية. أما المنهج الذي اعتمدته في هذا البحث فهو منهج المقارنة بين النصوص، فالنصوص وحدها هي خير دليل على صحة الرأي، كما أن المقارنة هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح بالتوصل لنتائج دقيقة في مثل هذا النوع من الدراسات. إقرأ المزيد