البحر العميق في مناسك المعتمر والحاج إلى بيت الله العتيق
(0)    
المرتبة: 98,100
تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:جعل الله عز وجل البيت الحرام مثابة وقياماً للناس، وجعل حج البيت ركناً من أركان دينه، وفريضة على كل مسلم مستطيع.
ولإتمام هذه الفريضة العظيمة المشتملة على عبادات بدنية ومالية، حسية ومعنوية، وجسمية وروحية بخلاف سائر العبادات، بدأ اهتمام العلماء بشرح وتعريف الناس بهذا الركن العظيم، وما ينبغي لهم فيه ...من أمور معينة لبلوغ الأمل الأسمى.
وكثرت المؤلفات في بيان أحكام هذه المناسك، ما بين مطول ومختصر ومتوسط، وما بين مجرد عن الأدلة ومقترن بها، وما بين مختص في مذهب واحد، ومقارن لأقوال أئمة المذاهب الأخرى. وعرف ذلك العلم بـ(علم المناسك).
ودعت الحاجة -مع مرور الأيام- لإضافة معلومات إلى (علم المناسك) تعين وتساعد مريدي أداء النسك، وهذه المعلومات إما أنها مرغبة في أداء الفريضة العظيمة، وإما معرفة بطرق وسبل الوصول إلى الأماكن المقدسة، أو مبينة لفضل هذه الأماكن على سائر الأمكنة، ثم فضل العمل فيها.
وأول مؤلف جمع جل هذه العلوم في مؤلف واحد هو الإمام (عز الدين بن جماعة الكناني في كتابه المبارك: (هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك).
أما المؤلف الذي أقدم له (البحر العميق في مناسك المعتمر والحاج إلى بيت الله العتيق) فهو مؤلف فذ لم يعرف له مثيل، ليس في التوسع والإسهاب في المسائل فحسب، أو في شموله وجمعه لجميع العلوم، بل أضاف إليها فنوناً أخرى كفضائل (مسجد الأقصى) ثم عندما يذكر ويبين كل مسألة لا يذكرها كمقدمة للمناسك، بل يعرضها كأنه يكتب في ذلك الفن كتابة خلاصة مستقلة، ومن ثم لا غرو أن يصدق عليه المثل المعروف (كل الصيد في جوف الفرا).
وحتى في القضايا التي قد يظن أنها لا تمس المناسك إلا من طرف بعيد وغير مباشر مثل: السفر، وقصر الصلاة، والتيمم، ونحوها نجد (ابن الضياء) يتعرض لها في هذا الكتاب أكثر من المتخصصين في الفن نفسه.
وإذا كان المؤلف قد سمى كتابه (البحر العميق) فهو كذلك حقيقة بحر لا ساحل له، بل هو بحق المحيط، حسب الاصطلاحات الجغرافية الآن.
ونجده لا يقتصر رحمه الله على نقل المعلومات من الكتب التي لا حد لها ولا حصر في كل مسألة من المسائل، وبخاصة في القضايا الفقهية المتعلقة بالمذهب الحنفي، بل نجده -بعد الاستقصاء والتتبع للموضوع- يحلل كل قول ويناقش كل رأي، ويرجح ما يراه مرجحاً وهو أشبه بصيرفي بارع ناقد، وهو في كل ذلك أمين في عزو كل قول لقائله في كل مسألة من المسائل، وهكذا الشأن في رواية الحديث يخرج أغلب الأحاديث من كتبها الأساسية، بل يحافظ حتى على الألفاظ، ويؤكد عليها ثم جانب الدراية للحديث إن دعت الحاجة، فيذكر أقوال المحدثين في الحديث من نقد وتصحيح وتضعيف وتوهين، حتى يذكر بعض رجال السند وترجمته، وإن كان ثمة مقال في السند يبين ويوضح ما قاله فيه المحدثون. وقد جاء كل ذلك مخالفاً لأساليب سائر الفقهاء في تصانيفهم، وهذا مما يدل على طول باعه، بل ويشهد على دقة إتقان تخصصه في الفن.
هذا ثم إن كانت هناك ثمة أحاديث ضعيفة أو غريبة في نظر المحدثين، فإن المؤلف قد ذكرها في سياق الحث والترغيب، وفي جانب الرقائق للاستزادة من فضائل الأعمال والأزمان والأماكن.
فذهب مذهباً كغيره من الكثير من العلماء في الأخذ بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال.
وأما ما يتعلق بالقضايا النحوية واللغوية، فإنه لا يكتفي بذكر ما ورد في كتب اللغة والنحو، وعزوه إلى أصحابه فقط، بل إنه بعد العرض والتقصي يبدأ بالتحليل والمناقشة والدراسة حتى يصل إلى الترجيح والتأييد لقول من الأقوال، ثم إظهار ما يؤيده، وهكذا يجده القارئ في الموضوعات اللغوية لغوياً متخصصاً.
وكذلك حينما ينقل من كتب التفاسير فإنه يبحث المسألة في تفاسير كثيرة ثم يرجح أقوال بعض المفسرين على البعض، ثم يؤيد ذلك بمؤيدات يذكرها.
وهكذا في الأمور المتعلقة بالتاريخ فليست القضايا لديه مسلمة إلا بعد التمحيص والدراسة. وكثيراً ما يرجح قولاً على آخر، ويقدم رأياً على رأي آخر، معللاً موضحاً أسباب التقديم والترجيح.
فكان (ابن الضياء) عالماً في كل فن من الفنون، بل كان كالمتخصص فيه، فكان الفقيه البارع كما كان المحدث واللغوي والمؤرخ العالم.
ومما تميز به المؤلف والمؤلف إنكاره الشديد الدائم على البدع والخرافات التي عرفت في ذلك العصر، وبخاصة ما كان يحصل من البدع (في المسجد الحرام والمشاعر المقدسة)، فلا تفوت عليه صغيرة ولا كبيرة من هذه المخالفات إلا وتجده منكراً لها أشد الإنكار.
ومما يزيد من إعجاب القارئ أن المؤلف ألفه وهو في الرابع والعشرين من عمره ثم هو أول مؤلف للمؤلف.
ومما يثير دهشة القارئ أيضاً مراجع هذا الكتاب الكثيرة في جميع الفنون، وبخاصة في مدونات فقه المذهب الحنفي -في وقت لم تكن تداول الكتب واقتناؤها سهلة- ودراسة المؤلف المسألة من عشرات المراجع وتقديمه لها بكلمات قليلة، مع الأمانة الكاملة في نقل النصوص من المراجع التي استقى منها، حيث ترى بعد كل نقل يقول: (انتهى كلامه بلفظه) أو (انتهى قوله) أو (انتهى) وهكذا.
ويكفي لمعرفة قدر ومكانة هذا الكتاب، أن نعرف أن كل من كتب بعد (ابن الضياء) في علم المناسك كان يستعين بكتاب البحر العميق، ويستقي المعلومات منه.
ولما كان لهذا الكتاب فمكانة رفيعة بين كتب التراث الإسلامي فقد اعتنى "الدكتور عبد الله مزي" بتحقيقه حيث اهتم: أولاً: بتفقير الكتاب، واستعمال العلامات الإملائية في ذلك، ثانياً: توثيق الآيات القرآنية إلى سورها في القرآن الكريم، بداخل النص بين معكوفتين، لئلا تكثر الهوامش، كما كتب الآيات بالرسم العثماني (مباشرة من المصحف الشريف)، أما الأحاديث النبوية الشريفة، والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين وتبع التابعين فهي كثيرة جداً (وستظهر من خلال الفهرس) -فالمؤلف يخرج الأحاديث من كتب السنن والمسانيد ومعاجم الأحاديث غالباً- (علماً بأن المؤلف دقيق وأمين في النقل)- وحالات قليلة يذكر فيها الحديث من غير تخريج، فقمت بتخريج ذلك.
فما كان من الأحاديث مخرجاً من الكتب الستة: ذكر الكتاب ورقم الحديث فقط، وأحياناً يذكر الباب لزيادة فائدة بذكره. وما كان منها مخرجاً في غير الكتب الستة، فيكفي بذكر رقم الجزء والصفحة فقط، وأحياناً نقل أقوال المحدثين في التصحيح والتضعيف إن وجد ذلك.
ثالثاً: شرح الاصطلاحات الفقهية والأصولية من مصادرها -التي يصعب فيهمها لدى بعض القراء- مع تحديث ما يتطلب من المعلومات القديمة مثل المكاييل والموازين والمقاييس ونحوها بما هو واقع معروف ومتداول بين الناس اليوم.
رابعاً: شرح غريب المفردات اللغوية -وهي قليلة-، إذ القارئ لمثل هذا الكتاب لا يحتاج إلى توضيح معاني جميع الألفاظ والكلمات، مما يؤدي إلى زيادة حجم الكتاب، مع ضخامة الأصل وسعته.
كما أنه أضاف أمراً مهماً في الهامش: وهو تجديد وتحديث المواضع والأماكن والبلدان بقدر الإمكان، واستعان من أجل ذلك بأحدث المعلومات الواردة في كتب المختصين، وبذكر المسافات بين المدن والأماكن بالمقاييس الحديثة المعروفة الآن في أنحاء العالم، وذلك لرفع الالتباس عن القارئ في تحديد ومعرفة هذه الأماكن بقدر المستطاع.
خامساً: وضع فهرسة لأسماء الكتب الواردة في الكتاب، بإضافة أسماء مؤلفيها إن لم يذكرهم المؤلف أو العكس... (بالإضافة إلى الفهارس الفنية إجمالاً وتفصيلاً). إقرأ المزيد