تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:برغم أن العراقيين، على عكس الشعوب الأخرى، لا يعتبرون ظاهرة العنف حالة طارئة في تاريخهم، فإنهم مع اطّراد الكوارث المفجعة، كثيراً ما يتساءلون: أي لعنة خيّمت عليهم؟ وأي جريمة اقترفوها كي تسير الحياة السياسية لديهم يداً بيد مع القتل؟ ما هو سبب هذه التراجيديا التي بدأت تقود الى اعتقاد ...سطحي لدى البعض يتمثل في تسمية مبسّطة يطلق عليها عادة "سوء الطالع"؟ هل هو التاريخ الطويل للقتل السياسي أم أرواح شريرة من المنظمات السياسية والمؤسسات التي انخرطت في صراع تنافسي مرير بغية السيطرة على السلطة؟
لماذا اتجهت هذه البلاد نحو الكارثة؟ لماذا عوقب مواطنوها بهذه الدرجة من القسوة؟ لماذا اغتنى الغرباء في حروبها؟ وبرغم كثرة الحروب لم تكن هناك حرب واحدة تحقق فيها نصر. وكأن قدر البلاد خوض حروب وليس ربحها.
أصبحت النتيجة بلاداً صغيرة تبتدع سلسلة من الأعاجيب عن طريق حروب، أشبه بشخص يتبرع (بلا تكليف من أحد) بإحياء حفلة لتقطيع أجزاء من جسده بسكين حاد من أجل هدف واحد: تسلية الآخرين، حتى أصبحت هذه البلاد عظيمة ليس نتاج إنجاز، بل نتيجة كوارث.
من يحاول فهم سبب هذا التبذير بالبشر والمال سيعجب من هذه التراجيديا التي ارتدت طابعاً كوميدياً. بلد ينفق المليارات من الوحدات النقدية ومئات الآلاف من القتلى من أجل استرداد قطعة أرض، في حين تهدى أراض الى دول أخرى على نحو يفتقر الى معنى ظاهري. وفي الوقت الذي يتم التأكيد على تحرير القدس عبر بوابة شرقية، يتم الإتفاق مع حلفاء إسرائيل قرب حدودها.
شخصية هذا الكتاب هي من قادت هذه البلاد التي تصفها، الآن، كتب الرحلات بعبارة مختصرة "ينصح بعدم الذهاب إليها لقلّة الأمان فيها".
ليس من شأن هذا العمل الإجابة عن تلك الأسئلة كلها، ليس لأن هذه الأسئلة لا تتمتع بقدر كبير من الأهمية، بل لأنه عمل يحتاج الى الكثير لإنجازه. السؤال الأساسي الذي يحاول الإجابة عنه، ذو طبيعة إسبارطية بسيطة ومتقشفة. سؤال سبق لكولن ويلسون أن طرحه في كتابه "الإنسان وقواه الخفية" وهو لماذا لا يستطيع أفضلنا أن يلهم أحداً؟ بينما أسوأنا ملآن بكثافة حادة تلهب الخيال" من أجل الإجابة عن هذا السؤال، جهد "رياض رمزي" لجمع طائفة من الأسئلة الأخرى، بالطريقة نفسها التي تتجمّع فيها مجموعة من الغدران كي تملأ مجرى النهر الرئيسي، بغية تعميق المقصد الأصلي لسؤال: ترى من هو هذا الشخص؟ وما هي مؤهلاته؟
يحاول هذا الكتاب كشف تلك الرحلة التي أمضى فيها البطل أياماً كاملة في خلوات طويلة مع نفسه، فمارست سطوتها عليه وصيّرته تابعاً لها، عندما بدأت تصدر أوامرها إليه على شكل أحلام. أمدته النجاحات (التي لا تعود له وحده بل للحظ في جزء منها، وفي غالب الأحيان لضعف أعدائه أو لسذاجتهم) بتفوق لم يتوازن عن مضاعفته وزيادته، فاندفع في بناء قوته بعيداً، من دون أن تتملكه الخشية من فقدانها. وما إن أفلح في ترسيخها حتى ساده اعتقاد، ثم تولّته ثقة بأنه رجل الأقدار، معتقداً أن كل شيء يقع في نطاق مسؤولياته. ازداد هذا الاعتقاد كثافة بمرور الوقت فاندفع على عجل نحو الأزمات، مثل ضبع جائعة تبحث عن طريدة في الجوار. إقرأ المزيد